وقال:
لي صاحب انا من قبائح فعله * ما بين غيظ تارة ومرار ما ينثني عن نقله لمجالسي * فكانه حرس على أسراري وله:
فالقوم انعام لهم نعم * جربتهم فوجدت أظرفهم كاللفت ما لبياضه دسم وله:
ودعه يقل في شعرنا ما يشاؤه * فما يضع الحسناء قول الضرائر 1 الوصف: وتجده في أغلب الديوان فمنه وصف للطبيعة الساحرة الجميلة التي عاش في احضانها. ومنه وصف لحالات النفس، وأطوار المجتمع، وبدائع السحر والجمال، ولفتات العاطفة المشبوبة، التي تظهر اندفاعاتها بين حسن بديع، وكؤوس مترعة، واخوان أصفياء، واليك مقتطفات من وصفه، ورسوما من خواطره، قال:
يا طلعة القمر المنير يا قامة الغصن النضير حار الخمار فقم بنا نعدل إلى عدل الخمور لا تغفلن عن لذة في مثل ذا اليوم المطير فالقاش في ديباجة اعلامها أس وخيري أشجاره ونسيمه مثل المشاجب والبخور وبهاره مثل الشموس وغدره مثل البدور ونخيله كثواكل هتكت مصونات الستور والطير في ارجائه متجاوبات بالصفير فعليك بالذهب الذي اجراه روباس العصير ما زال يسبك بالذي قد شب من نار الهجير حتى صفا فكانه دمع الطليق على الأسير يبدي حبابا كالعقود على كؤوس كالنحور فدع الصغير مكانه واعدل إلى جهة الكبير ما بين ورد كالخدود وأقحوان كالثغور ان كنت تعلم أن لي علما باسرار السرور فاعلم بحسب وصيتي لك في ملازمة البكور فان استفدت مسرة فبحسن مشورة المشير وقال:
قامت قيامة روحها لرواحي * ان النوى لقيامة الأرواح غيداء غاداها فراقي بالأسى * وأذاقها البرحاء وشك براحي فبكت فصار الدمع في وجناتها * مثل الحباب على كؤوس الراح فكان صفحة وجهها لما بكت * روض ترصع ورده بأقاح وقال:
وشادن طاف بمشمولة * لو ذاقها سكران هم صحا فخلته والكاس في كفه * بدر الدجى يحمل شمس الضحى وقال يوصف الدنيا:
يقولون ما الدنيا فقلت شبية * وأمن وعز دائم وثراء وعافية زهراء هب نسيمها * وعيش رضي نافع وبقاء 2 وغزل الشاعر السيد العقيلي هو غزل رقيق عفيف ليس فيه اندفاعات المجون المكشوف ولا ميوعة التوله الكاذب المصطنع في أغلب أشعار من عاصروه. غير أنه تأثر بالعصر الذي عاشه ذلك العصر الذي عزل المرأة وهي ريحانة الرجل في قارورة من الطيب، لا تراها أشعة الشمس المشرقة في بلاد الشرق، ولا تلامس اردانها هبات النسيم الطلق.
فهي حبيسة الدار، وسجينة البيت، وأسيرة الرجل، وخادمة الأسرة، ونراه في شعره لا يتحدث الا بصيغة المذكر شانه شأن النواسي ومدرسته في بغداد يومذاك. غير أنني استطعت ان أعثر على انفلاته من ربقة التقليد الشعري، في غزل المذكر أحيانا.
وغادة ذات خد * ما ان له من شبيه لو قيل ما تتمنى * يا فم ما تشتهيه لما تمنى سوى ان * يمسي ويصبح فيه وقال:
غدت إلى ديرها ومأواها * ما بين رهبانها وقساها رود لها وجنة موردة * لو مر وهم بها لا دماها يحتشم الفطن من مقبلها * ويخجل الروض من ثناياها وقال:
عين وتاء وباء وميم وراء * هيفاء ما لي منها باء وخاء وتاء لم يبق لي من هواها قاف ولام وباء * كأنما الوجه منها صاد وباء وحاء أما إشارته إلى المذكر في شعره فإليك بعضه:
أدل بالدلال منه * حاء وسين ونون أغن في الخد منه * خاء ودال وشين ان زارني كان عندي * عين وراء وسين 3 النسيب: لا عجب ان يبدو لنا نسيبه في طريقته التي سلكها في غزله، الا اننا نرى تشبيبه أحيانا فيه مرارة اللوعة، وجحيم الصدود، ونيران الهجر. وهو لم يكن في شبابه بالعاشق البائس، ولا المحب المعدم، ولا القانص الفاشل.
قال:
اني لآنف من ثغر اقبله * ان لم يكن ثغر عن ما منه لي عوض لأنني لست ارضى لثم مبتسم * ان لم يكن لي في إغريضه غرض وذي غنج ناديته إذ رأيته * ونور الصبا ما بين عينيه لامع أتيت على عقلي فزرني فقال لي: * على كل خير يا عقيلي مانع وقال:
وليلة هجر بت ارقب صبحها * ودمعي منهل وطرفي ساهر أقول لها إذ ضقت ذرعا بطولها * أيا ليلة الهجران ما لك اخر وله:
غدا من الدير إلى الدار * من حسنه عار من العار فقلت لما افتر في مشيه * أعيذه بالخالق الباري ما أحسن الزنار في خصره * يا لك من خصر وزنار طوبى لأهل النار إن كان ذا * يكون يوم البعث في النار وقال:
ولما اقلعت سفن المطايا * بريح الوجد في لجج السراب جرى نظري وراءهم إلى أن * تكسر بين أمواج الهضاب