يعني بذلك أبا إبراهيم هذا عبد الله المحض ومن حمل معه من العلويين إلى أبي جعفر المنصور فلما قتل إبراهيم هرب سديف وكتب إلى المنصور:
أيها المنصور يا خير العرب * خير من ينميه عبد المطلب انا مولاك وراج عفوكم * فاعف عني اليوم من قبل العطب فوقع المنصور في كتابه:
ما نماني محمد بن علي * ان تشبهت بعدها بوليي وكتب إلى عبد الصمد بن علي يأمره بقتله فيقال انه دفنه حيا اه وروى ابن عساكر عن البلاذري ان سديفا كان مائلا إلى المنصور فلما استخلف وصله بألف دينار فدفعها إلى محمد بن عبد الله معونة له فلما قتل محمد صار مع أخيه إبراهيم حتى إذا قتل إبراهيم اتى المدينة فاستخفى بها وقيل إنه طلب الأمان من عبد الصمد وهو واليها. مر انه كان واليا على مكة فأمنه وأحلفه ان لا يبرح من المدينة ولما قدم المنصور المدينة قيل له قد رأينا سديفا ذاهبا وجائيا فبعث في طلبه واخذ عبد الصمد في طلبه أشد اخذ فاتي به فجعل في جوالق ثم خيط عليه وضرب بالخشب حتى كسر ثم رمي به في بئر وبه رمق حتى مات اه وعن ابن الأهدل ويأتي عن الشذرات ان المنصور قال له بعد ما مدح السفاح واجازه بألف دينار كأني بك يا سديف قد قدمت المدينة فقلت لعبد الله بن الحسن يا ابن رسول الله انما نداهن بني العباس لأجل عطاياهم وأقسم بالله لئن فعلت لأقتلنك ففعل سديف ذلك وانتهى خبره إليه فلما تمكن منه ضربه حتى مات.
صفته ابن عساكر عن العقيلي ان سديفا كان أعرابيا بدويا شديد السواد.
أقوال العلماء فيه كان سديف شاعرا مجيدا مطبوعا وعده ابن شهرآشوب في المعالم في شعراء أهل البيت المقتصدين ويظهر من مجموع اخباره الآتية انه كان معاديا لبني أمية متشيعا للطالبيين وانه كان يظهر التشيع لبني العباس في أول دولتهم فلما ظهر أولاد عبد الله بن الحسن أظهر التشييع لهم والميل عن بني العباس فقتله المنصور لأجل ذلك شر قتلة. وقال الشيخ في رجاله في أصحاب الباقر ع سديف المكي شاعر اه ويأتي في عبد العزيز بن يحيى الجلودي ان له كتاب اخبار سديف وفي ميزان الذهبي سديف بن ميمون المكي رافضي خرج مع ابن حسن فظفر به المنصور فقتله قال العقيلي: كان من الغلاة في الترفض وفي الأغاني ج 14 ص 456 سديف بن ميمون مولى خزاعة وهو من مخضرمي الدولتين. وذكره المرزباني في كتاب تلخيص اخبار شعراء الشيعة كما في نسخة مخطوطة من النبذة المختارة من ذلك الكتاب موجودة عندي وهو الثامن عشر منهم فقال سديف بن ميمون مولى بني هاشم وقيل مولى خزاعة وذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق فقال سديف بن ميمون المكي الشاعر مولى آل أبي لهب.
بغضه للأمويين وحبه للهاشميين في الأغاني: كان سديف شديد التعصب لبني هاشم مظهرا لذلك في أيام بني أمية وكان يخرج إلى صحار صغار في ظاهر مكة يقال لها صفا الشراب ويخرج مولى لبني أمية معه يقال له سباب فيتسابان ويذكران المثالب والمعايب ويخرج معهما من سفهاء الفريقين من يتعصب لهذا ولهذا فلا يرجعون حتى يكون الجرح والشجاج ويخرج السلطان إليهم فيفرقهم ويعاقب الجناة. وفي تلخيص اخبار شعراء الشيعة للمرزباني: قال سديف رحمه الله يهجو بني أمية:
أمست أمية قد أظل فناؤها * يا قرة العين المداوى داؤها أمست أمية قد تصدع شعبها * شعب الضلال وشتت أهواؤها ولقد سررت لعبد شمس انها * أمست تساق مباحة أحماؤها فلئن أمية عبد شمس ودعت * لقد اضمحل عن البلاد بلاؤها زعمت أمية وهي غير حليمة * ان لن يزول ولن يهد بناؤها وقضى الإلاه بغير ذاك فذبحت * حتى ترفع في العجاج دماؤها فأمية العين الكليلة في الهدى * وأمية الأيدي القليل جداؤها وأمية الاذن المصيخة للخنا * وأمية الداء الدوي وعاؤها وأمية الكف المصرد نيلها * وأمية القول البعيد وفاؤها وأمية القدم المقدم شرها * وأمية القدم المقصر شأوها هيهات قد سفهت أمية دينها * حتى أذل صغارها كبراؤها ولهت بمنزل عزة فأحلها * دار الندامة للشقاء شقاؤها يا رب حرمة مسلم متعبد * هتكت وكشف بالعراء غطاؤها ودعاء أرملة دعت ويلا وقد * كمدت ولم يرحم هناك دعاؤها لعنت أمية كم لها من سوأة * مع سوأة مشهورة عوراؤها لا سوقة منها أتت قصدا ولا * عملت بقصد طريقة أمراؤها يا أيها الباكي أمية ضلة * ارسل دموع العين طال بكاؤها أمست أمية لا أمية ترتجى * قلب الزمان لها وهم فناؤها اخباره مع السفاح في قتل بني أمية كان ظهور الدولة العباسية وقتل بني أمية بعد قتل آخر ملك منهم وهو مروان بن محمد الملقب بالحمار سنة 132 فيما ذكره ابن الأثير وغيره من المؤرخين وروى أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني ج 4 ص 92 عن عمه عن محمد بن سعد اللكراني عن النضر بن عمرو عن المعيطي قال وأخبرنا محمد بن خلف وكيع عن أبي السائب سلم بن جنادة السوائي سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول دخل سديف وهو مولى أبي لهب على أبي العباس السفاح بالحيرة هكذا قال وكيع وقال اللكراني في خبره واللفظ له كان أبو العباس جالسا في مجلسه على سريره وبنو هاشم دونه على الكراسي وبنو أمية على الوسائد قد ثنيت لهم وكانوا في أيام دولتهم يجلسون هم والخلفاء منهم على السرير ويجلس بنو هاشم على الكراسي فدخل الحاجب فقال يا أمير المؤمنين بالباب رجل حجازي اسود راكب على نجيب متلثم يستأذن ولا يخبر باسمه ويحلف ان لا يحسر اللثام عن وجهه حتى يراك فقال هذا مولاي سديف فدخل فلما نظر إلى أبي العباس وبنو أمية حوله حدر اللثام عن وجهه وانشد يقول:
أصبح الملك ثابت الآساس * بالبهاليل من بني العباس بالصدور المقدمين قديما * والرؤوس القماقم الرؤاس يا أمير المطهرين من الذم * ويا رأس منتهى كل رأس أنت مهدي هاشم وهداها * كم أناس رجوك بعد أناس