كنت بالأمس عبدا. قال محمد بن عمر الواقدي شهد بلال بدرا واحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله ص انتهى الطبقات. وقال ابن عساكر في تاريخ دمشق بلال بن رباح مؤذن رسول الله ص كان من المهاجرين الأولين الذين عذبوا في الله ومات ولا عقب له وكان من مولدي السراة واسم أمه حمامة وكانت لبعض بني جمح شهد بدرا واحدا والخندق والمشاهد كلها وتزوج هند الخولانية وقال ابن منده كان بلال من مولدي السراة من أهل حضر من موالي بني تميم. ثم روى بسنده من حديث طويل ان بلالا بعد اسلامه دخل يوما الكعبة وقريش في ظهرها لا تعلم والتفت فلم ير أحدا فاتي الأصنام وجعل يبصق عليها ويقول خاب وخسر من عبدكن فطلبته قريش فهرب حتى دخل دار سيده عبد الله بن جدعان فاختفى بها، فنادوا عبد الله بن جدعان، فقالوا أ صبوت؟!
فقال ومثلي يقال له هذا، فعلي نحر مائة ناقة للات والعزى ان كنت فعلت ذلك، فقالوا له ان أسودك فعل كذا وكذا فدعا به وقال لأبي جهل وأمية بن خلف شأنكما فهو لكما اصنعا به ما أحببتما فخرجا به إلى البطحاء وجعلا يبسطانه على رمضائها ويجعلان رحى على كتفيه ويقولان له اكفر بمحمد فيقول لا، ويوحد الله الحديث. قال وقال عروة بن الزبير كان بلال من المستضعفين من المؤمنين وكان يعذب حين اسلم ليرجع عن دينه فما أعطاهم قط كلمة مما يريدون وكان الذي يعذبه أمية بن خلف. وان ورقة بن نوفل مر على بلال وهو يعذب يلصق ظهره برمضاء البطحاء في الحر وهو يقول أحد أحد فقال ورقة أحد أحد، يا بلال اصبر، ثم اقبل على من يعذبه وقال احلف بالله لئن قتلتموه على هذا لأتخذنه حنانا وفي رواية أسد الغابة أنه قال والله ان مت على هذا لأتخذن قبرك حنانا. وقال سعيد بن المسيب ان بلالا كان شحيحا على دينه وكان يعذب في الله وفي دينه فإذا أراد منه المشركون ان يقاربهم قال الله الله وقال محمد بن سيرين كان المشركون يلقون بلالا في الرمضاء إما في جلد ثور أو بقرة. وحدث الأصمعي عن العمري ان أول من أذن بلال ومثله روى المسعودي. وقال سالم ان شاعرا امتدح بلال بن عبد الله بن عمر فقال بلال بن عبد الله خير بلال فقال له ابن عمر كذبت بلال رسول الله خير بلال. وقال رجل لبلال نحن اعلم بالوقت منك فقال له بلال لأنا اعلم بالوقت منك وأنت أضل من حمار أهلك ثم حكى ابن عساكر عن ابن إسحاق أنه قال بلغني ان عمار بن ياسر ذكر يوما بلال بن رباح فقال:
جزى الله خيرا عن بلال وصحبه * عتيقا وأخزى فاكها وأبا جهل عشية هما في بلال بسوءة * ولم يحذرا ما يحذر المرء ذو العقل بتوحيد رب للأنام وقوله * شهدت بان الله ربي على مهل فان يقتلوني يقتلوني ولم أكن * لأشرك بالرحمن من خيفة القتل فيا رب إبراهيم والعبد يونس * وموسى وعيسى نجني ثم لا تمل لمن ظل يهوى الغي من آل غالب * على غير بركان منه ولا عدل وفي الاستيعاب بلال بن رباح المؤذن وهو مولى أبي بكر اشتراه وأعتقه وكان له خازنا ولرسول الله ص مؤذنا شهد بدرا واحدا وسائر المشاهد مع رسول الله ص أقول الظاهر وقوع تحريف في العبارة من الطابعين وصوابها وكان مؤذنا لرسول الله ص وخازنا كما سيأتي عن أسد الغابة والإصابة. ثم روى بسنده في حديث ان جماعة ممن أسلموا أخذهم المشركون فألبسوهم ادراع الحديد وأصهروهم في الشمس فما منهم انسان الا وقد واتاهم على ما أرادوا الا بلالا فإنه هانت عليه نفسه في الله وهان على قومه فاعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول أحد أحد، وفي خبر أنهم كانوا يطوفون به والحبل في عنقه بين أخشبي مكة قال ابن إسحاق كان بلال مولى أبي بكر لبعض بني جمح مولدا من مولديهم قيل من مولدي مكة وقيل من مولدي السراة واسم أبيه رباح واسم أمه حمامة وكان صادق الاسلام طاهر القلب وقال المدائني كان بلال من مولدي السراة وله أخ يسمى خالدا وأخت تسمى غفرة وهي مولاة عمر بن عبد الله مولى غفرة المحدث المصري وبسنده كان بلال لأيتام أبي جهل وان أبا جهل قال لبلال وأنت أيضا تقول فيمن يقول فاخذه فبطحه على وجهه وسلقه في الشمس وعمد إلى رحى فوضعها عليه فجعل يقول أحد أحد فبعث أبو بكر صديقا له فاشتراه فاعتقه وكان أمية بن خلف الجمحي ممن يعذب بلال ويوالي عليه بالعذاب والمكروه فكان من قدر الله أن قتله بلال يوم بدر فقال فيه بكر أبياتا منها قوله هنيئا زادك الرحمن خيرا * فقد أدركت ثارك يا بلال انتهى الاستيعاب أقول يدل كلام ابن الأثير في الكامل على أن بلالا لم يقتل أمية بن خلف لكنه كان السبب في قتله فإنه قال كان عبد الرحمن بن عوف قد غنم أدراعا يوم بدر فمر بأمية بن خلف وابنه علي فقال له نحن خير لك من هذه الأدراع أي خذنا أسيرين لنسلم من القتل وتأخذ فداءنا فطرح الأدراع وأخذ بيدهما ومشى بهما، ورأى بلال أمية، وكان يعذبه بمكة، فقال بلال أمية رأس الكفر لا نجوت ان نجا، ثم صرخ يا أنصار الله رأس الكفر رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت ان نجا فأحاط بهم المسلمون وقتل أمية وابنه فكان عبد الرحمن يقول رحم الله بلالا ذهبت أدراعي وفجعني بأسيري انتهى وفي أسد الغابة ترجم أولا بلال بن حمامة ثم بلال بن رباح ثم قال إنهما واحد.
وبلال هذا قيل هو بلال بن رباح المؤذن وحمامة أمه نسب إليها ثم قال بلال بن رباح إلى أن قال وكان مؤذنا لرسول الله ص وخازنا شهد بدرا والمشاهد كلها وكان من السابقين إلى الاسلام وممن يعذب في الله عز وجل فيصبر على العذاب وكان أبو جهل يبطحه على وجهه في الشمس ويضع الرحاء عليه حتى تصهره الشمس ويقول أكفر برب محمد فيقول أحد أحد قال وكان يؤذن لرسول الله ص في حياته سفرا وحضرا وهو أول من أذن في الاسلام ثم أن بلالا رأى النبي ص في منامه وهو يقول ما هذه الجفوة يا بلال ما آن لك أن تزورنا فانتبه حزينا فركب إلى المدينة فاتى قبر النبي ص وجعل يبكي عنده ويتمرغ عليه فاقبل الحسن والحسين فجعل يقبلهما ويضمهما فقالا له نشتهي أن تؤذن في السحر فعلا سطح المسجد فلما قال الله أكبر الله أكبر ارتجت المدينة فلما قال أشهد أن لا إله إلا الله زادت رجتها فلما قال أشهد أن محمدا رسول الله خرج النساء من خدورهن فما رئي يوم أكثر باكيا وباكية من ذلك اليوم. قال وقال مجاهد