ان محمدا رسول الله شهقت فاطمة ع وسقطت لوجهها وغشي عليها فقال الناس لبلال امسك يا بلال فقد فارقت ابنة رسول الله الدنيا وظنوا انها ماتت فقطع أذانه ولم يتمه فأفاقت فاطمة ع وسألته ان يتم الاذان فلم يفعل وقال لها يا سيدة النسوان اني أخشى عليك مما تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالاذان فأعفته من ذلك. وفي التهذيب في فصل الاذان في الصحيح عن سليمان بن جعفر الجعفري عن أبيه قال دخل رجال من أهل الشام على أبي عبد الله ع فقال أول من سبق إلى الجنة بلال قال ولم قال لأنه أول من أذن انتهى وفي منهج المقال الظاهر أن القائل الأول هو الشامي على مقتضى السياق وان كان ايراد الشيخ ذلك في فصل الاذان يقتضي خلاف ذلك قال ويؤيد ما قلناه ان ابن طاوس في الطرايف نقل ذلك عن مخالفينا وانكر عليهم انتهى أقول بل الظاهر أن القائل الصادق ع كما فهمه الشيخ فأورده في فصل الاذان. وفي الخصال أخبرني محمد بن علي بن إسماعيل حدثنا البحيري حدثنا محمد بن حرب الواسطي حدثني يزيد بن هارون عن أبي شيبة حدثنا رجل من همدان عن أبيه قال قال علي بن أبي طالب السباق خمسة فانا سابق العرب وسلمان سابق فارس وصهيب سابق الروم وبلال سابق الحبش وجناب سابق النبط. وفي التعليقة عن جده يعني المجلسي الأول أنه قال رأيت في بعض كتب أصحابنا عن هشام بن سالم عن الصادق ع وعن أبي البختري قال حدثنا عبد الله بن الحسن ان بلالا أبى ان يبايع أبا بكر وان عمر اخذ بتلابيبه وقال له يا بلال هذا جزاء أبي بكر منك ان أعتقك فلا تجئ تبايعه فقال ان كان قد اعتقني لله فليدعني لله وان كان اعتقني لغير ذلك فها أنذا واما بيعته فما كنت أبايع من لم يستخلفه رسول الله ص والذي استخلفه بيعته في أعناقنا إلى يوم القيامة فقال له عمر لا أبا لك لا تقم معنا فارتحل إلى الشام وتوفي بدمشق ودفن بباب الصغير وله شعر في هذا المعنى بالله لا بأبي بكر نجوت ولو * لا الله نامت على أوصالي الضبع الله بوأني خيرا وأكرمني * وانما الخير عند الله يتبع لا تلقيني تبوعا كل مبتدع * فلست مبتدعا مثل الذي ابتدعوا انتهى وقد اشتهر ان رسول الله ص قال سين بلال عند الله شين وذلك أنه كان يبدل الشين في التشهد سينا فيقول أسهد وانه قال علينا يا حميرا وارحنا أو وروحنا يا بلال. وروى محمد بن سعد كاتب الواقدي في الطبقات الكبير انه لما توفي رسول الله ص أذن بلال ورسول الله ص لم يقبر فكان إذا قال أشهد ان محمدا رسول الله انتحب الناس في المسجد فلما دفن رسول الله ص قال له أبو بكر أذن فقال ان كنت انما أعتقتني لأن أكون معك فسبيل ذلك وان كنت أعتقتني لله فخلني ومن أعتقتني له فقال ما أعتقتك الا لله فقال إني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله ص قال فذاك إليك فأقام حتى خرجت بعوث الشام فسار معهم حتى انتهى إليها. وان أبا بكر لما قعد على المنبر يوم الجمعة قال له بلال يا أبا بكر قال لبيك قال اعتقني لله أو لنفسك قال لله قال فائذن لي حتى أغزو في سبيل الله فاذن له فذهب إلى الشام فمات. ثم إنه لما توفي رسول الله ص قال بلال لأبي بكر ان كنت انما اشتريتني لنفسك فامسكني وان كنت انما اشتريتني لله فذرني وعملي لله وفي الاستيعاب بسنده عن عطاء الخراساني قال كنت عند سعيد بن المسيب فذكر بلالا فقال كان شحيحا على دينه فإذا اواد المشركون ان يقاربهم قال الله الله فقال النبي ص لأبي بكر لو كان عندنا مال اشترينا بلالا فقال أبو بكر للعباس اشتر لي بلالا فاشتراه فبعث به إلى أبي بكر فاعتقه فكان يؤذن لرسول الله ص فلما مات النبي ص أراد ان يخرج إلى الشام فقال له أبو بكر بل تكون عندي فقال ان كنت أعتقتني لنفسك فاحبسني وان كنت أعتقتني لله عز وجل فذرني اذهب إلى الله عز وجل فقال اذهب إلى الشام فكان بها حتى مات. وفي الاستيعاب أيضا بسنده أذن بلال حياة رسول الله ص ثم لأبي بكر حياته ولم يؤذن لعمر فقال له ما منعك ان تؤذن قال أذنت لأبي بكر لأنه ولي نعمتي وقد سمعت رسول الله ص يقول يا بلال ليس عمل أفضل من الجهاد فخرج مجاهدا. وفي الطبقات الكبير لابن سعد انه لما توفي رسول الله ص قال بلال لأبي بكر أردت ان أرابط في سبيل الله حتى أموت فطلب منه البقاء فأقام معه حتى توفي أبو بكر فطلب منه عمر البقاء فأبى بلال عليه أقول هذا الخبر ما قبله معارض بما مر من أنه لم يؤذن لأحد بعد رسول الله ص مما هو أكثر عددا وأصح سندا وبما يأتي من أنه رأى النبي ص في منامه فعاتبه فجاء إلى المدينة فاذن فارتجت بالبكاء فان هذا يدل على أن ذلك كان بعد وفاته ص بمدة قليلة لا بعد ثلاث سنين وأكثر. وفي الطبقات الكبير لابن سعد بلال بن رباح مولى أبي بكر كان من مولدي السراة واسم أمه حمامة وكانت لبعض بني جمح ثم روى ما يأتي بأسانيده. قال رسول الله ص بلال سابق الحبشة. وكان بلال بن رباح من المستضعفين من المؤمنين وكان يعذب حين اسلم ليرجع عن دينه فما أعطاهم قط كلمة مما يريدون وكان الذي يعذبه أمية بن خلف. وكان إذا اشتدوا عليه في العذاب قال أحد أحد، فيقولون له قل كما نقول فيقول ان لساني لا يحسنه. وان أهله اخذوه فمطوه والقوا عليه من البطحاء وجلد بقرة فجعلوا يقولون ربك اللات العزى ويقول أحد أحد فاشتراه أبو بكر فاعتقه الحديث وعن مجاهد في قوله تعالى ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار، قال يقول أبو جهل اين بلال اين فلان اين فلان كنا نعدهم في الدنيا من الأشرار فلا نراهم في النار أم هم في مكان لا نراهم فيه. وعن مجاهد في حديث ان جماعة ممن أسلموا اخذهم المشركون فألبسوهم أدراع الحديد ثم صهروهم بالشمس حتى بلغ الجهد منهم كل مبلغ فاعطوهم ما سألوا الا بلالا فإنه هانت عليه نفسه في الله حتى ملوه فجعلوا في عنقه حبلا ثم أمروا صبيانهم ان يشتدوا به بين اخشبي مكة فجعل بلال يقول أحد أحد، وأول من أذن بلال. وكان إذا فرع من الاذان فأراد ان يعلم النبي ص انه قد أذن وقف على الباب وقال حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة يا رسول الله. فإذا خرج رسول الله ص فرآه بلال ابتدأ في الإقامة. وكان لرسول الله ص ثلاثة مؤذنين بلال وأبو محذورة وعمرو بن أم مكتوم فإذا غاب بلال أذن أبو محذورة وإذا غاب أبو محذورة أذن ابن أم مكتوم. وأن رسول الله ص امر بلالا ان يؤذن يوم الفتح على ظهر الكعبة فاذن على ظهرها والحارث بن هشام وصفوان بن أمية قاعدان فقال أحدهما للآخر انظر إلى هذا الحبشي فقال الآخر ان يكرهه الله يغيره. وكانت العنزة تحمل بين يدي رسول الله ص يوم العيد يحملها بلال المؤذن. فكان يركزها بين يديه والمصلى يومئذ فضاء وهي التي يمشي بها اليوم بين يدي الولاة. وفي رواية يوم العيد والاستسقاء وان أناسا كانوا يأتون بلالا فيذكرون فضله وما قسم الله له من الخير فكان يقول انما انا حبشي
(٦٠٣)