فلم يوافق ابنه يحيى على هذا الرأي وقال: لا والله لا تأكل لحم أبي الكلاب (1).
يشير إلى أن هذه الوسيلة لإخفاء الجسد الطاهر عن الأعداء لا يدفع محذور التمثيل به، فإن الكلاب لا تصل إليه وتتحاماه، فيوجب ذلك اهتداء الأعداء إليه فيعود المحذور.
قال سلمة بن ثابت: لما كثر الخلاف بين أصحابه، أشرت عليه أن ننطلق به إلى نهر هناك وندفنه فيه فقبلوا الرأي، وكان في النهر ماء كثير حتى إذا أمكنا له دفناه ووضعنا عليه الحشيش والتراب وأجري عليه الماء، وكان النهر في بستان رجل يقال له: زائدة، وقيل: يعقوب.
دخل يوسف بن عمر الكوفة بعد قتل زيد وتطلب مكان دفنه، ونادى مناديه:
ألا من أخبر بمكان دفنه فله الجائزة.
فجاءه الطبيب الذي أخرج السهم، وكان حاضرا دفنه فأعلمه بمكانه، وكان مملوكا لعبد الحميد الرواسي، وقيل: إن مملوكا سنديا لزيد بن علي أخبر بمكان دفنه.
وحدث أبو مخنف عن كهمس: أن نبطيا كان يسقي زرعا له بتلك الناحية رآهم حين دفنوه فأخبر به.
وبعد أن استبان للوالي موضع دفنه بعث العباس بن سعيد المزني، وفي نقل آخر: بعث الحجاج بن القاسم بن محمد بن أبي عقيل ويقال: بعث خراش بن حوشب بن يزيد الشيباني وكان على شرط يوسف بن عمر، وحمل الجسد الطاهر على جمل وكان عليه قميص هروي، فألقي على باب القصر فخر كأنه جبل، فأمر يوسف بن عمر بقطع رأسه.
وفي حديث أبي مخنف: قطع رأسه ابن الحكم بن الصلت، فإن الحكم بن الصلت بعث ابنه وصاحب الشرطة العباس بن سعيد المزني لاستخراج زيد، فكره العباس أن يغلب ابن الحكم عليه فتركه، وسرح الحجاج بن القاسم بن محمد بن الحكم بن أبي عقيل بشيرا إلى يوسف بن عمر.
لما جيء بالجسد الطاهر وألقي أمام الوالي - وكان هناك عدد كثير من جثث