قال: فليقم كل رجل منكم فليدع من عند حجر من عشيرته وأهله.
ففعلوا وأقاموا أكثر أصحابه عنه، وقال زياد لصاحب شرطته: انطلق إلى حجر فإن تبعك فأتني به وإلا فشدوا عليهم بالسيوف حتى تأتوني به.
فأتاه صاحب الشرطة يدعوه، فمنعه أصحابه من إجابته فحمل عليهم فقال أبو العمرطة الكندي لحجر: إنه ليس معك من معه سيف غيري وما يغني عنك سيفي، قم فالحق بأهلك يمنعك قومك.
وزياد ينظر إليهم وهو على المنبر، وغشيهم أصحاب زياد وضرب رجل من الحمراء رأس عمرو بن الحمق بعموده فوقع وحمله أصحابه إلى الأزد فاختفى عندهم حتى خرج، وانحاز أصحاب حجر إلى أبواب كندة، وضرب بعض الشرطة يد عائذ بن حملة التميمي وكسر نابه، وأخذ عمودا من بعض الشرط فقاتل به وحمى حجرا وأصحابه حتى خرجوا من أبواب كندة، وأتى حجر بغلته فقال له أبو العمرطة: اركب فقد قتلتنا ونفسك، وحمله حتى أركبه وركب أبو العمرطة فرسه ولحقه يزيد بن طريف المسلي فضرب أبا العمرطة على فخذه بالعمود، وأخذ أبو العمرطة سيفه فضرب به رأسه فسقط ثم برأ، وكان ذلك السيف أول سيف ضرب به في الكوفة في اختلاف بين الناس.
ومضى حجر وأبو العمرطة إلى دار حجر واجتمع إليهما ناس كثير ولم يأته من كندة كثير أحد.
فأرسل زياد وهو على المنبر مذحجا وهمدان إلى جبانة كندة، وأمرهم أن يأتوه بحجر، وأرسل سائر أهل اليمن إلى جبانة الصائدين وأمرهم أن يمضوا إلى صاحبهم حجر فيأتوه به ففعلوا، فدخل مذحج وهمدان إلى جبانة كندة فأخذوا كل من وجدوا، فأثنى عليهم زياد، فلما رأى حجر قلة من معه أمرهم بالانصراف وقال لهم:
لا طاقة لكم بمن قد اجتمع عليكم، وما أحب أن تهلكوا.
فخرجوا فأدركهم مذحج وهمدان فقاتلوهم وأسروا قيس بن يزيد ونجا الباقون.
فأخذ حجر طريقا إلى بني حوت فدخل دار رجل منهم يقال له: سليم بن يزيد، وأدركه الطلب فأخذ سليم سيفه ليقاتل فبكته بناته.
فقال حجر: بئسما أدخلت على بناتك إذن.
قال: والله لا تؤخذ من داري أسيرا ولا قتيلا وأنا حي.