فقال: وما تريدين؟
قالت: ثلاثة آلاف وعبدا وقينة وقتل علي.
فقال: أما قتل علي فما أراك ذكرتيه وأنت تريدينني.
قالت: بلى التمس غرته، فإن أصبته شفيت نفسك ونفسي ونفعك العيش معي، وإن قتلت فما عند الله خير من الدنيا وما فيها.
قال: والله ما جاء بي إلا قتل علي فلك ما سألت.
قالت: سأطلب لك من يشد ظهرك ويساعدك.
وبعثت إلى رجل من قومها اسمه: وردان وكلمته فأجابها، وأتى ابن ملجم رجلا من أشجع اسمه: شبيب بن بجرة فقال له: هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟
قال: وماذا؟
قال: قتل علي.
قال شبيب: ثكلتك أمك لقد جئت شيئا إدا، كيف تقدر على قتله؟
قال: أكمن له في المسجد، فإذا خرج إلى صلاة الغداة شددنا عليه فقتلناه، فإن نجونا فقد شفينا أنفسنا، وإن قتلنا فما عند الله خير من الدنيا وما فيها.
قال: ويحك لو كان غير علي كان أهون، قد عرفت سابقته وفضله وبلاءه في الإسلام، وما أجدني أنشرح لقتله.
قال: أما تعلم أنه قتل أهل النهروان العباد الصالحين.
قال: بلى.
قال: فنقتله بمن قتل من أصحابنا.
فأجابه، فلما كان ليلة الجمعة - وهي الليلة التي واعد ابن ملجم أصحابه على قتل علي (عليه السلام) وقتل معاوية وعمرو - أخذ سيفه ومعه شبيب ووردان وجلسوا مقابل السدة التي يخرج منها علي (عليه السلام) للصلاة، وقد كانوا قبل ذلك ألقوا إلى الأشعث بن قيس ما في نفوسهم من العزيمة على قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) وواطأهم على ذلك، وحضر الأشعث بن قيس في تلك الليلة لمعونتهم على ما اجتمعوا عليه، وكان حجر بن عدي (رحمه الله) في تلك الليلة بائتا في المسجد، فسمع الأشعث يقول: يا بن ملجم النجاء النجاء لحاجتك فقد فضحك الصبح.
فأحس حجر بما أراد الأشعث فقال له: قتلته يا أعور، وخرج مبادرا ليمضي