عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٦٢٤
وفيه من الحوادث ان الشيخ إبراهيم الشهير بباشا المالكي بالإسكندرية قرر في درس الفقه ان ذبيحة أهل الكتاب في حكم الميتة لا يجوز اكلها وما ورد من اطلاق الآية فإنه قبل ان يغيروا ويبدلوا في كتبهم فلما سمع فقهاء الثغر ذلك أنكروه واستغربوه ثم تكلموا مع الشيخ إبراهيم المذكور وعارضوه فقال انا لم اذكر ذلك بفهمي وعلمي وانما تلقيت ذلك عن الشيخ علي الميلي المغربي وهو رجل عالم متورع موثوق بعلمه ثم إنه ارسل إلى شيخه المذكور بمصر يعلمه بالواقع فألف رسالة في خصوص ذلك واطنب فيها فذكر أقوال المشايخ والخلافات في المذاهب واعتمد قول الإمام الطرطوشي في المنع وعدم الحل وحشا الرسالة بالحط على علماء الوقت وحكامه وهي نحو الثلاثة عشر كراسة وأرسلها إلى الشيخ إبراهيم فقرأها على أهل الثغر فكثر اللغط والانكار خصوصا وأهل الوقت أكثرهم مخالفون للملة وانتهى الامر إلى الباشا فكتب مرسوما إلى كتخدا بك بمصر وتقدم اليه بان يجمع مشايخ الوقت لتحقيق المسئلة وارسل اليه بالرسالة أيضا المصنفة فأحضر كتخدا بك المشايخ وعرض عليهم الامر فلطف الشيخ محمد العروسي العبارة وقال الشيخ علي الميلي رجل من العلماء تلقى عن مشايخنا ومشايخهم لا ينكر علمه وفضله وهو منعزل عن خلطة الناس الا انه حاد المزاج وبعقله بعض خلل والأولى ان نجمع به ونتذاكر في غير مجلسكم وننهي بعد ذلك الامر إليكم فاجتمعوا في ثاني يوم وأرسلوا إلى الشيخ علي يدعونه للمناظرة فأبى عن الحضور وارسل الجواب مع شخصين من مجاوري المغاربة يقولان انه لايحضر مع الغوغاء بل يكون في مجلس خاص يتناظر فيه مع الشيخ محمد ابن الأمير بحضرة الشيخ حسن القويسني والشيخ حسن العطار فقط لان ابن الأمير يناقشه ويشن عليه الغارة فلما قالا ذلك القول تغير ابن الأمير وارعد أبرق وتشاتم بعض من بالمجلس مع الرسل وعند ذلك أمروا بحبسهما في بيت الاغا وأمروا الاغا بالذهاب إلى بيت الشيخ علي واحضاره بالمجلس ولو قهرا عنه فركب
(٦٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 619 620 621 622 623 624 625 626 627 628 629 ... » »»