ومرسومات بنظارات أوقاف فأقام بأبيار قاضيا بضع وعشر سنين وهو يشترى نيابتها كل دور وابتدع فيها الكشف على الأوقاف القديمة والمساجد الخربة التي بالولاية وحساب الواضعين أيديهم على ارزاقها وأطيانها حتى جمع من ذلك أموالا ثم رجع إلى مصر واشترى دارا عظيمة بدرب قرمز بين القصرين واشترى المماليك والعبيد والجواري وترونق حاله واشتهر أمره وركب الخيول المسومة وصار في عدادا لوجها وكان يحمل معه دائما متن تنوير الابصار يراجع فيه المسائل ويكتب على هامشه الوقائع والنوادر الفقهية ثم تولى نيابة القضاء بمصر في سنة ست وثمانين فأزدادت وجاهته وانتشر صيته وابتكر في نيابته أمورا منها تحليف الشهود وغير ذلك ثم سافر إلى إسلامبول في سنة اثنتين وتسعين وعاد ثم سافر في سنة تسع وتسعين واجتمع هناك بحسن باشا ووشى اليه أمر مصر وسهل له امرها وامراءها حتى جسره على القدوم إليها وحضر صحبته إلى ثغر إسكندرية وكان بينه وبين نعمان أفندي قاضي الثغر كراهة باطنية فوشى به عند حسن باشا حتى عزله من وظيفة القضاء وقلدهم للمترجم وكاد ان يبطش بنعمان أفندي فهرب منه إلى رشيد ولم يلبث المترجم أن أصابه الفالج ومات سابع عشرين رمضان عن نيف وتسعين سنة ونقم عليه بعد ذلك حسن باشا أمورا وعلم براءة نعمان أفندي مما نسبه اليه وأحضر نعمان أفندي وأكرمه ورد له منصبه وأجله وأكرمه وصاحبه مدة اقامته بمصر ورجع معه إلى إسلامبول وجعله منجم باشا وكانت له يد طولى في علم النجامة ثم نفاه بعد ذلك إلى اماصيه بسبب توسطه مع صالح أغا للأمراء المصريين كما ذكر في موضعه وخلف المترجم ابنه صالح جلبي الموجود الآن ومملوكه علي أفندي الذي كان يتولى نيابات القضاء في المحلة ومنوف وغيرهما ومات الشيخ الصالح أحمد بن عيسى بن عبد الصمد بن أحمد بن فتيح
(٦٥٤)