عثرت بغلة أبي حارثة، فقال كرز (١): تعس الأبعد: يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له أبو حارثة: وأنت تعست! فقال له: ولم يا أخي؟ فقال: والله إنه للنبي الذي كنا ننتظر، قال له كرز: فما يمنعك وأنت تعلم هذا؟ قال: ما صنع بنا هؤلاء القوم شرفونا، ومولونا، وأكرمونا، وقد أبوا إلا خلافه، ولو فعلت نزعوا منا كما ترى، فأضمر علينا منه أخوه كرز بن علقمة، حتى أسلم بعد ذلك. (فهو كان يحدث عنه هذا الحديث فيما بلغني) (٢).
حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال: حدثني سعيد بن جبير عن عكرمة، عن ابن عباس - رضي الله تبارك وتعالى عنهم - قال:
اجتمعت نصارى نجران، وأحبار يهود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنازعوا عنده، فقالت الأحبار: ما كان إبراهيم إلا يهوديا، وقالت النصارى: ما كان إبراهيم إلا نصرانيا، فأنزل الله - عز وجل - فيهم: ﴿يا أهل الكتاب لما تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون * ها أنتم حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون * ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين * إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين﴾ (٣) فقال أبو رافع القرظي حين اجتمع عنده النصارى والأحبار: فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، (قالوا) أتريد منا يا محمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى بن مريم؟ فقال رجل من أهل نجران نصراني يقال له الرئيس: وذلك تريد يا محمد، وإليه تدعو؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ الله أعبد غير الله أو آمر بعبادة غيره! ما بذلك بعثني ولا أمرني، فأنزل الله - عز وجل - في ذلك قوله تعالى: ﴿وما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكمة والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون * ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون﴾ (4)،