غيرهما ما تركاه، كما نقل أحدهما فيما رواه ما ترك صاحبه.
ثم ذكر من طريق محمد بن عتاب العبدي، وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن موسى بن عقبة قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يعني من حجة الوداع، فعاش بالمدينة حين قدمها بعد صدرة المحرم واشتكى في صفر، فوعك أشد لوعك، واجتمع إليه نساؤه كلهن يمرضنه، وقال نساؤه: يا رسول الله إنه ليأخذك وعك ما وجدنا مثله على أحد قط غيرك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كما يعظم لنا الأجر، كذلك يشتد علينا البلاء.
واشتد عليه الوعك أياما وهو ينحاز إلى الصلوات حتى غلب فجاءه المؤذن، فأذنه بالصلاة فنهض فلم يستطع من الضعف، ونساؤه حوله، فقال للمؤذن: اذهب إلى أبي بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - فأمره فليصل بالناس فقالت عائشة - رضي الله تبارك وتعالى عنه - عنها: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أبا بكر رجل رقيق: وإنه إن قام في مقامك بكى فأمر عمر بن الخطاب - رضي الله تبارك وتعالى عنه - فليصل بالناس، فقال صلى الله عليه وسلم: مروا أبا بكر فليصل بالناس. قالت: فعدت، فقال صلى الله عليه وسلم: مروا أبا بكر فليصل بالناس، إنكن صواحب يوسف.
قالت فصمت عنه، فلم يزل أبو بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - يصلي بالناس، حتى كانت ليلة الاثنين من شهر ربيع الأول فأقلع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الوعك، وأصبح مفيقا، فغدا إلى صلاة الصبح يتوكأ على الفضل بن عباس - رضي الله تبارك وتعالى عنهما -، وغلام له يدعى ثوبان، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وقد سجد الناس مع أبي بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - من صلاة الصبح، وهو قائم في الأخرى.
فتخلص رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف يفرجون له، حتى قام إلى جنب أبي بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - فاستأخر أبو بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ رسول الله بثوبه، فقدمه في مصلاه - رضي الله تبارك وتعالى عنه - فصفا جميعا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، وأبو بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - قائم يقرأ القرآن، فلما قضى أبو بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - قراءته قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فركع معه الركعة الآخرة، ثم جلس