التعريض له (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا) (4) الآية وذلك أن اليهود كانوا يقولون: راعنا يا محمد أي أرعنا سمعك واسمع منا ويعرضون بالكلمة يريدون الرعونة، فنهي الله تعالى المؤمنين عن التشبه بهم، وقطع الذريعة بنهي المؤمنين عنها لئلا يتوصل بها الكافر والمنافق إلى شبه الاستهزاء به وقيل: بل لما فيها من مشاركة اللفظ لأنها عند اليهود بمعنى اسمع لا سمعت، وقيل: بل لما فيها من قلة الأدب وعدم توقير النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه لأنه في لغة الأنصار بمعني أرعنا نرعك، فنهوا عن ذلك مضمنه إذ أنهم لا يرعونه إلا برعايته لهم وهو صلى الله عليه وسلم واجب الرعاية بكل حال، وهذا هو قول صلى الله عليه وسلم قد أنهي عن التكني بكنيته فقال: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، صيانة لنفسه وحماية عن أذاه إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم استجاب لرجل نادى: يا أبا القاسم، فقال لم أعنك إنما دعوت هذا فنهي صلى الله عليه وسلم حينئذ عن التكني بكنيته لئلا يتأذى بإجابة دعوة غيره ممن لم يدعه، ويجد بذلك المنافقون والمستهزؤون ذريعة إلى أذاه والإزراء به فينادونه، فإذا التفت قالوا: إنما أردنا هذا لسواه، تعنيتا له واستخفافا بحقه على عادة المجان والمستهزئين، فحمي صلى الله عليه وسلم حمى أذاه بكل وجه فحمل محققو العلماء نهية عن هذا على مدة حياته وأجازوه بعد وفاته، لارتفاع العلة قال: وقد روي أنس ما يدل على كراهة التسمي باسمه وتنزيهه عن ذلك إذا لم يوقر فقال: يسمون أولادكم محمدا ثم تلعنوهم!! وروى أن عمر كتب إلى أهل الكوفة: لا يسمي أحد باسم الرسول صلى الله عليه وسلم حكاه أبو جعفر الطبري.
وحكى محمد بن سعد أن عمر نظر إلى رجل اسمه محمد ورجل يسبه ويقول:
فعل الله بك يا محمد وصنع، فقال عمر لابن أخيه محمد بن زيد بن الخطاب:
ألا أرى محمدا صلى الله عليه وسلم يسب بك والله لا تدعى محمدا ما دمت حيا وسماه عبد الرحمن، وأراد أن يمنع لهذا أن يسمى أحد بأسماء الأنبياء، إكراما بذلك وغير أسماءهم، وقال لا تسموا بأسماء الأنبياء، ثم أمسك، قال والصواب جواز هذا كله بعده صلى الله عليه وسلم بدليل إطباق الصحابة على ذلك وقد سمى جماعة منهم ابنه محمدا وكناه بأبي القاسم.
قال: اعلم أن جميع من سب النبي صلى الله عليه وسلم أو عابه أو ألحق به نقصا في نفسه أو