العزى) انتهى إليها فهدمها، ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هدمت العزى؟ قال:
نعم يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل رأيت شيئا؟ قال: لا، قال:
فإنك لم تهدمها، فأرجع إليها فاهدمها، فرجع خالد وهو متغيظ، فلما انتهى إليها جرد سيفه، فخرجت امرأة سوداء عريانة ناشرة الرأس، فجعل السادن يصيح بها، قال خالد: وأخذني اقشعرار في ظهري، فجعل يصيح:
أيا عز شدي شدة لا تكذبني * على خالد ألقي القناع وشمري أيا عز إن لم تقتلي المرء خالدا * فبوئي بذنب عاجل أو تنصري يا عز كفرانك لا سبحانك * إني وجدت الله قد أهانك قال: وأقبل خالد بالسيف وهو يقول:
كفرانك لا سبحانك إني وجدت الله قد أهانك فضربها بالسيف فجزلها باثنين، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال صلى الله عليه وسلم: نعم تلك العزى وقد يئست أن تعبد ببلادكم أبدا، ثم قال خالد: أي رسول الله، الحمد لله الذي أكرمنا بك وأنقذنا من الهلكة، ولقد كنت أرى أبي يأتي العزى بحترة (1) مائة من الإبل والغنم، فيذبحها للعزى ويقيم عنها ثلاثا، ثم ينصرف إلينا مسرورا، فنظرت إلى ما مات عليه أبي، ذلك الرأي الذي كان يعاش في فضله، كيف خدع حتى صار يذبح لحجر لا يسمع ولا يبصر، ولا يضر ولا ينفع؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا الأمر إلى الله فمن يسره للهدى تيسر ومن يسره للضلالة كان فيها.
وكان هدمها لخمس ليال بقين من رمضان سنة ثمان، وكان سادنها أفلح ابن النضر الشيباني من بني سليم، فلما حضرته الوفاة دخل عليه وهو حزين، فقال له أبو لهب: ما لي أراك حزينا؟ قال أخاف أن تضيع العزى من بعدي، قال له أبو لهب: لا تحزن، فأنا أقوم عليها بعدك، فجعل كل من لقى قال: إن تظهر العزى كنت قد اتخذت يدا عندها بقيامي عليها، وإن يظهر محمد علي العزى - ولا أراه يظهر - يا ابن أخي، فأنزل الله - تعالى -:
(تبت يدا أبي لهب) ويقال: إنه قال هذا في اللات.