إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٨ - الصفحة ٦٣
وقد وردت أحاديث في النهي عن [الكي] (1).

(1) منها ما أخرجه أبو داود في (السنن): 4 / 197 - 200، كتاب الطب، باب (7) في الكي حديث رقم (3865)، عن عمران بن حصين قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكي، فاكتوينا، فما أفلحن وما أنجحن)، قال أبو داود: وكان يسمع تسليم الملائكة، فلما اكتوى انقطع عنه، فلما ترك رجع إليه.
وأخرجه الترمذي في (السنن): 4 / 341، كتاب الطب، باب (10) ما جاء في كراهية التداوي بالكي، حديث رقم (2049)، وفيه: (فابتلينا فاكتوينا فما أفلحنا ولا أنجحنا) قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، ثم قال:
حدثنا عبد القدوس بن محمد، حدثنا عمرو بن عاصم، حدثنا همام عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين قال: نهينا عن الكي.
قال أبو عيسى: وفي الباب عن ابن مسعود، وعقبة بن عامر، وابن عباس، وهذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه ابن ماجة في (السنن): 2 / 1154 - 1155، كتاب الطب، باب (23) الكي، حديث رقم (3489)، (من اكتوى أو استرقى فقد برئ من التوكل)، يريد أن كمال التوكل يقتضي ترك الأدوية، ومن أتى بها فقد برئ من تلك المرتبة العظيمة من التوكل.
وحديث رقم (3490)، وهو حديث عمران بن الحصين المذكور في الباب.
وحديث رقم (3491) من حديث ابن عباس، وقال في آخره: (وأنهى أمتي عن الكي).
قال الشيخ: إنما كوى صلى الله عليه وسلم سعدا ليرقأ عن جرحه الدم، وخاف عليه أن ينزف فيهلك، والكي مستعمل في هذا الباب، وهو من العلاج الذي تعرفه الخاصة وأكثر العامة، والعرب تستعمل الكي كثيرا فيما يعرض لها من الأدواء، وتقول في أمثالها: (آخر الدواء الكي).
وأما حديث عمران بن حصين في النهي عن الكي، فقد يحتمل وجوها، أحدها: أن يكون من أجل أنهم كانوا يعظمون أمره ويقولون: (آخر الدواء الكي)، ويرون أنه يحسم الداء ويبرئه، وإذا لم يفعل ذلك عطب صاحبه وهلك، فنهاهم، عن ذلك إذا كان على ذلك الوجه.
وأباح لهم استعماله على معنى التوكل على الله سبحانه، وطلب الشفاء، والترجي للبرء بما يحدث الله عز وجل من صنعه فيه، ويجلبه من الشفاء على أثره، فيكون الكي والدواء سببا لا علة.
وهذا أمر قد تكثر في شكوك الناس، وتخطئ فيه ظنونهم وأوهامهم، فما أكثر ما تسمعهم يقولون: لو أقام فلان بأرضه وبلده لم يهلك، ولو شرب الدواء لم يسقم، ونحو ذلك من تجريد إضافة الأمور إلى الأسباب، وتعليق الحوادث بها، دون تسليط القضاء عليها، وتغليب المقادير فيها، فتكون الأسباب أمارات لتلك الكوائن، لا موجبات لها، وقد بين الله جل جلاله ذلك في كتابه حيث قال:
(أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة) [النساء: 78]، وقوله تعالى حكاية عن الكفار: (وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم) [آل عمران: 156].
وفيه وجه آخر وهو: أن يكون معنى نهي عمران بن حصين خاصة، عن الكي في علة بعينها، لعلمه أنه لا ينجع، ألا تراه يقول: (فما أفلحنا ولا أنجحنا)، وقد كان به الناصور، فلعله إنما نهاه عن استعمال الكي في موضعه من البدن.
والعلاج: إذا كان فيه الخطر العظيم كان محظورا، والكي في بعض الأعضاء يعظم خطره، وليس كذلك في بعض الأعضاء، فيشبه أن يكون النهي منصرفا إلى النوع المخوف منه. والله تعالى أعلم (معالم السنن) مختصرا.
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ليس فيما حرم شفاء 3
2 السعوط 4
3 ذات لجنب 6
4 الكحل 9
5 الحبة السوداء 12
6 السنا 14
7 التلبينة والحساء 16
8 اغتسال المريض 19
9 اجتناب المجذوم 24
10 وأما عرق النسا 31
11 وأما كثرة أمراضه صلى الله عليه وسلم 34
12 الحناء 35
13 الذريرة 38
14 وأما أنه صلى الله عليه وسلم سحر 40
15 وأما أنه صلى الله عليه وسلم سم 45
16 وأما أنه صلى الله عليه وسلم رقى 48
17 وأما أنه صلى الله عليه وسلم احتجم 56
18 وأما الكي والسعوط 62
19 وأما الحناء 64
20 وأما السفرجل 64
21 فصل في ذكر حركات رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكونه 66
22 وأما عمله صلى الله عليه وسلم في بيته 66
23 وأما ما يقوله إذا دخل بيته صلى الله عليه وسلم 67
24 وأما ما يقوله إذا خرج من بيته صلى الله عليه وسلم 68
25 وأما مشيه صلى الله عليه وسلم 72
26 وأما نومه صلى الله عليه وسلم 80
27 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ 89
28 وأما أن قلبه صلى الله عليه وسلم لا ينام 90
29 وأما مناماته عليه السلام 92
30 فصل في ذكر صديق رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل النبوة 139
31 ذكر أنه صلى الله عليه وسلم كان يحسن العوم في الماء صلى الله عليه وسلم 143
32 ذكر شريك رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعث 145
33 فصل في ذكر سفره صلى الله عليه وسلم 150
34 أما يوم سفره صلى الله عليه وسلم 150
35 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسافرا 153
36 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا علا على شئ 158
37 وأما كيف سيره صلى الله عليه وسلم 161
38 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم ويعمله إذا نزل منزلا 163
39 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم في السحر 164
40 ذكر ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا رأى قرية 165
41 ذكر تنفله صلى الله عليه وسلم على الراحلة 166
42 وأما ما يقول إذا رجع من سفره صلى الله عليه وسلم 167
43 وأما ما يصنع إذا قدم من سفر صلى الله عليه وسلم 169
44 وأما كونه لا يطرق أهله ليلا 171
45 فصل في الأماكن التي حلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى الرحلة النبوية 174
46 وأما سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه 174
47 وأما سفره صلى الله عليه وسلم في تجارة خديجة رضى الله تعالى عنها 186
48 وأما الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إلى السماوات العلى ورؤيته الآيات ربه الكبرى 190
49 فصل جامع في ذكر حديث الإسراء والمعراج 214
50 فأما رواية حديث الإسراء عن النبي صلى الله عليه وسلم 214
51 فصل جامع في معراج النبي صلى الله عليه وسلم 283
52 فصل في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لله عز وجل ليلة الإسراء 302
53 فصل في سفر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف 305
54 فصل في ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عكاظ، ومجنة وذى المجاز 309
55 فصل في ذكر هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة 316
56 فصل في ذكر غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم 330
57 غزوة الأبواء 332
58 غزوة بواط 334
59 غزوة بدر الأولى 336
60 غزوة ذي العشيرة 337
61 غزوة بدر الكبرى 339
62 غزوة بني قينقاع 346
63 غزوة السويق 348
64 غزوة قراره الكدر 350
65 غزوة ذي أمر، وهي غزوة غطفان 352
66 غزوة نجران 354
67 غزوة أحد 355
68 غزوة حمراء الأسد 357
69 غزوة بني النضير 359
70 غزوة بدر الموعد 362
71 غزوة ذات الرقاع 363
72 غزوة دومة الجندل 367
73 غزوة المريسيع 369
74 غزوة الخندق 372
75 غزوة بني قريظة 376
76 غزوة بني لحيان 379
77 غزوة الغابة 380
78 غزوة خيبر 382
79 عزوة الفتح 384
80 غزوة حنين 388
81 غزوة تبوك 391