إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٣ - الصفحة ١٢٠
يقل: كنت إنسانا، ولا كنت موجودا، أو ليست النبوة إلا بالشرع المقدر عليه من عند الله تعالى؟ فأخبر سبحانه وتعالى أنه عليه السلام صاحب النبوة قبل وجوده في الأنبياء في الدنيا وهو روح قبل اتخاذه تعالى الأجسام الإنسانية، فكانت الأنبياء عليهم السلام في هذا العالم نواب محمد صلى الله عليه وسلم من آدم إلى عيسى عليهما السلام، والى هذا الإشارة بقوله عليه السلام: لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني، وكذلك لو كان محمد صلى الله عليه وسلم موجودا بجسمه من لدن آدم عليه السلام إلى زمان وجوده، لكان جميع بني آدم تحت شريعته، ولهذا لم يبعث بشريعة عامة إلا هو صلي الله عليه وسلم، فإنه الملك والسيد، وكل رسول إنما بعث إلى قوم مخصوصين، ولم تعم، فمن زمن آدم إلى زمن بعثة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى يوم القيامة ملكه، وله يوم القيامة التقدم أيضا على جميع الرسل مع السيادة، فكانت روحانيته صلى الله عليه وسلم روحانية كل رسول موجودة، والإمداد يأتي إليهم من روحه الطاهرة بما يظهر منهم من الشرائع والعلوم في زمن وجودهم رسلا، وكان تشريعهم الشرائع كما كان علي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم يقضون في زمان وجود جسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما يكون عيسى عليه السلام حين ينزل آخر الزمان بشرع محمد صلى الله عليه وسلم، لكن لما لم يوجد صلى الله عليه وسلم في الحس نسب كل شرع إلى من بعث به، وهو في الحقيقة شرع محمد صلى الله عليه وسلم وأن كان مفقود العين، كما يكون صلى الله عليه وسلم مفقود العين في زمان نزول عيسى وحكمه بالشرع المحمدي، وكون محمد صلى الله عليه وسلم نسخ الله بشرعه جميع الشرائع، لا يخرجها النسخ عن أن تكون من شرعه، فإن الله تعالى قد أشهدنا في القرآن والسنة النسخ مع إجماعنا واتفاقنا على أنه شرعه، فنسخ بالمتأخر، فكان هذا النسخ الموجود في القرآن والسنة المحمدية تنبيها لنا على أن نسخه لجميع الشرائع المتقدمة لا يخرجها عن كونها شرعا له، وكان نزول عيسى آخر الزمان حاكما بغير شرعه الذي كان عليه في زمان رسالته، وحكمه بشرع محمد صلى الله عليه وسلم أدل دليل على أنه لا حكم لأحد من الأنبياء مع وجود محمد صلى الله عليه وسلم أو وجود ما قرره من الحكم، فخرج من هذا كله أن محمدا صلى الله عليه وسلم ملك وسيد على جميع بني آدم، وأن جميع من تقدمه كان ملكا له، والحاكمون فيه كانوا نوابا عنه، فإن قلت: قال الله تعالى:
(أولئك الذين هدى الله فبهداهم......
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر مجيء الملك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالات ربه تعالى 3
2 ذكر الاختلاف في أول سورة من القرآن أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم 3
3 ذكر الاختلاف في شق صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، متى كان وأين وقع؟ 32
4 ذكر مجيء جبرئيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الصورة التي خلقه الله عليها 39
5 ذكر كيفية إلقاء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 45
6 ذكر تعليم جبرئيل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة 53
7 وأما إقامة جبريل عليه السلام أوقات الصلاة للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه أمه فيها 60
8 ذكر الجهة التي كان صلى الله عليه وسلم يستقبلها في صلاته 81
9 ذكر من قرن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الملائكة 94
10 فصل في ذكر الفضائل التي خص الله تعالى بها نبيه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وشرفه بها على جميع الأنبياء 95
11 فأما أنه صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين 96
12 وأما مخاطبة الله له بالنبوة والرسالة، ومخاطبة من عداه من الأنبياء باسمه 105
13 وأما دفع الله عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما قرفه به المكذبون، ونهى الله تعالى العباد عن مخاطبته باسمه 108
14 وأما دفع الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قرفه المكذبون له 111
15 وأما مغفرة ذنبه من غير ذكره تعالى له خطأ ولا زلة 112
16 وأما أخذ الله تعالى الميثاق على جميع الأنبياء أن يؤمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وينصروه إن أدركوه 116
17 وأما عموم رسالته إلى الناس جميعا وفرض الإيمان به على الكافة، وأنه لا ينجو أحد من النار حتى يؤمن به صلى الله عليه وسلم 122
18 وأما فرض طاعته، فإذا وجب الإيمان به وتصديقه بما جاء به وجبت طاعته لأن ذلك مما أتى به 132
19 وأما وجوب اتباعه وامتثال سنته والاقتداء بهديه صلى الله عليه وسلم 145
20 وأما أمر الكافة بالتأسي به قولا وفعلا 154
21 وأما اقتران اسم النبي صلى الله عليه وسلم باسم الله تعالى 167
22 وأما تقدم نبوته صلى الله عليه وسلم قبل تمام خلق آدم عليه السلام 169
23 ذكر التنويه بذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمن آدم عليه السلام 187
24 وأما شرف أصله، وتكريم حسبه، وطيب مولده صلى الله عليه وسلم 204
25 وأما أن أسماءه خير الأسماء 216
26 وأما قسم الله تعالى بحياته صلى الله عليه وسلم 221
27 وأما تفرده بالسيادة يوم القيامة على جميع الأنبياء والرسل وأن آدم ومن دونه تحت لوائه صلى الله عليه وسلم 224
28 فصل في ذكر المفاضلة بين المصطفى وبين إبراهيم الخليل صلوات الله عليهما وسلامه 241
29 وأما اختصاصه صلى الله عليه وسلم بالشفاعة العظمى يوم الفزع الأكبر 263
30 ذكر المقام المحمود الذي وعد الله تعالى به الرسول صلى الله عليه وسلم 288
31 تنبيه وإرشاد 292
32 إيضاح وتبيان 295
33 وأما حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الكوثر 297
34 وأما كثرة أتباعه صلى الله عليه وسلم 309
35 وأما الخمس التي أعطيها صلى الله عليه وسلم 311
36 وأما أنه بعث بجوامع الكلم وأوتي مفاتيح خزان الأرض 315
37 وأما تأييده بقتال الملائكة معه 319
38 وأما أنه خاتم الأنبياء 334
39 وأما أن أمته خير الأمم 338
40 وأما ذكره صلى الله عليه وسلم في كتب الأنبياء وصحفهم وإخبار العلماء بظهوره حتى كانت الأمم تنتظر بعثته صلى الله عليه وسلم 345
41 ثم جاءني محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم 378
42 وأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 379
43 ومن إعلامه في التوراة 385
44 ومن إعلامه في التوراة أيضا 386
45 ومن ذكر شعيا له 387
46 ومن ذكر شعيا له 388
47 وفي حكاية يوحنا عن المسيح 390
48 وفي إنجيل متى 391
49 وذكر شعيا طريق مكة فقال: 394
50 وأما سماع الأخبار بنبوته من الجن وأجواف الأصنام ومن الكهان 396