إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٣ - الصفحة ١١٧
بمحمد صلى الله عليه وسلم ولينصرنه إن خرج وهو حي، وإلا أخذ على قومه أن يؤمنوا به ولينصرونه هم إن خرج وهم أحياء.
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس: قال: ثم ذكر ما أخذ عليهم - يعني على أهل الكتاب - وعلى أنبيائهم من الميثاق بتصديقه - يعني بتصديق محمد صلى الله عليه وسلم - إذا جاءهم، وإقرارهم به على أنفسهم فقال: (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة....) إلى آخر الآية.
وقال أسباط عن السدي في قوله: (لما آتيتكم): يقول لليهود: أخذت ميثاق النبيين لمحمد صلى الله عليه وسلم وهو الذي ذكر في الكتاب عندكم، فهذا كما ترى، وقد أخذ الله الميثاق على جميع الأنبياء عليهم السلام إن جاءهم رسول مصدق لما معهم وهو محمد صلى الله عليه وسلم آمنوا به ونصروه، فلم يكن أحد منهم ليدرك الرسول صلى الله عليه وسلم إلا وجب عليه الإيمان به ونصره على أعدائه لأخذه الميثاق منهم، فجعلهم تعالى كلهم أتباعا لمحمد صلى الله عليه وسلم يلزمهم الانقياد له والطاعة لأمره لو أدركوه.
وقد نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على معنى ما قلنا، فروى هشيم عن مجالد عن الشعبي عن جابر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعي كتاب أصبته من بعض أهل الكتاب فقال: والذي نفسي بيده، لو أن موسى كان حيا اليوم ما وسعه إلا أن يتبعني " (1).

(١) رواه البخاري عن يحيى بن بكير، وعن موسى بن إسماعيل، عن إبراهيم بن سعد، وقال البيهقي في (الشعب): وقد روينا عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن عمر أتاه فقال: إنا نسمع أحاديث من اليهود تعجبنا، أفترى أن نكتب بعضها؟ فقال: أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا أتباعي.
قال أبو عبيد: قال ابن عون فقلت للحسن: متهوكون؟ قال: متحيرون.
وأخبرنا أحمد بن الحسن القاضي، حدثنا أبو علي بن محمد الرفاء، حدثنا محمد بن شاذان الجوهري، حدثنا زكريا بن عدي، حدثنا حماد بن زيد، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تسألوا أهل الكتاب عن شئ، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا ". زاد القاضي في روايته: " والله لو كان موسى عليه السلام حيا ما حل له إلا أن يتبعني ".
وروي عن جبير بن نفير، عن عمر بن الخطاب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في محو ما كتب من قول اليهود بريقه والنهي عن ذلك.
(شعب الإيمان للبيهقي): ١ / ١٩٩ - ٢٠٠، باب في الإيمان بالقرآن والكتب المنزلة، ذكر حديث جمع القرآن، حديث رقم (176)، (178)، (179)، وحديث رقم (5205):
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأنا أبو عبد الله الصنعاني، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري، أن حفصة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب فيه قصص يوسف في كتف، فجعلت تقرأ عليه، والنبي صلى الله عليه وسلم يتلون وجهه فقال: " والذي نفسي بيده، لو أتاكم يوسف وأنا بينكم فاتبعتموه وتركتموني لضللتم ". (المرجع السابق): 4 / 308 - 309، باب حفظ اللسان، فصل في ترك قراءة كتب الأعاجم. ونحوه في (المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية) 3 / 114 - 115، باب الزجر عن النظر في كتب أهل الكتاب، حديث رقم (3024).
وخرج الإمام أحمد من حديث عبد الله بن ثابت رضي الله تعالى عنه، قال: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق قال: أنبأنا سفيان، عن جابر، عن الشعبي، عن عبد الله بن ثابت قال: " جاء عمر بن الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني مررت بأخ لي من قريظة، فكتب لي من جوامع التوراة، ألا أعرضها عليك؟ قال: فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عبد الله: فقلت له: ألا ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: عمر: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، قال: فسري عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: والذي نفسي بيده، لو أصبح فيكم موسى، ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم، إنكم حظي من الأمم، وأنا حظكم من النبيين ". (مسند أحمد): 4 / 513 - 514، حديث رقم (15437).
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر مجيء الملك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالات ربه تعالى 3
2 ذكر الاختلاف في أول سورة من القرآن أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم 3
3 ذكر الاختلاف في شق صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، متى كان وأين وقع؟ 32
4 ذكر مجيء جبرئيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الصورة التي خلقه الله عليها 39
5 ذكر كيفية إلقاء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 45
6 ذكر تعليم جبرئيل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة 53
7 وأما إقامة جبريل عليه السلام أوقات الصلاة للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه أمه فيها 60
8 ذكر الجهة التي كان صلى الله عليه وسلم يستقبلها في صلاته 81
9 ذكر من قرن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الملائكة 94
10 فصل في ذكر الفضائل التي خص الله تعالى بها نبيه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وشرفه بها على جميع الأنبياء 95
11 فأما أنه صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين 96
12 وأما مخاطبة الله له بالنبوة والرسالة، ومخاطبة من عداه من الأنبياء باسمه 105
13 وأما دفع الله عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما قرفه به المكذبون، ونهى الله تعالى العباد عن مخاطبته باسمه 108
14 وأما دفع الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قرفه المكذبون له 111
15 وأما مغفرة ذنبه من غير ذكره تعالى له خطأ ولا زلة 112
16 وأما أخذ الله تعالى الميثاق على جميع الأنبياء أن يؤمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وينصروه إن أدركوه 116
17 وأما عموم رسالته إلى الناس جميعا وفرض الإيمان به على الكافة، وأنه لا ينجو أحد من النار حتى يؤمن به صلى الله عليه وسلم 122
18 وأما فرض طاعته، فإذا وجب الإيمان به وتصديقه بما جاء به وجبت طاعته لأن ذلك مما أتى به 132
19 وأما وجوب اتباعه وامتثال سنته والاقتداء بهديه صلى الله عليه وسلم 145
20 وأما أمر الكافة بالتأسي به قولا وفعلا 154
21 وأما اقتران اسم النبي صلى الله عليه وسلم باسم الله تعالى 167
22 وأما تقدم نبوته صلى الله عليه وسلم قبل تمام خلق آدم عليه السلام 169
23 ذكر التنويه بذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمن آدم عليه السلام 187
24 وأما شرف أصله، وتكريم حسبه، وطيب مولده صلى الله عليه وسلم 204
25 وأما أن أسماءه خير الأسماء 216
26 وأما قسم الله تعالى بحياته صلى الله عليه وسلم 221
27 وأما تفرده بالسيادة يوم القيامة على جميع الأنبياء والرسل وأن آدم ومن دونه تحت لوائه صلى الله عليه وسلم 224
28 فصل في ذكر المفاضلة بين المصطفى وبين إبراهيم الخليل صلوات الله عليهما وسلامه 241
29 وأما اختصاصه صلى الله عليه وسلم بالشفاعة العظمى يوم الفزع الأكبر 263
30 ذكر المقام المحمود الذي وعد الله تعالى به الرسول صلى الله عليه وسلم 288
31 تنبيه وإرشاد 292
32 إيضاح وتبيان 295
33 وأما حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الكوثر 297
34 وأما كثرة أتباعه صلى الله عليه وسلم 309
35 وأما الخمس التي أعطيها صلى الله عليه وسلم 311
36 وأما أنه بعث بجوامع الكلم وأوتي مفاتيح خزان الأرض 315
37 وأما تأييده بقتال الملائكة معه 319
38 وأما أنه خاتم الأنبياء 334
39 وأما أن أمته خير الأمم 338
40 وأما ذكره صلى الله عليه وسلم في كتب الأنبياء وصحفهم وإخبار العلماء بظهوره حتى كانت الأمم تنتظر بعثته صلى الله عليه وسلم 345
41 ثم جاءني محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم 378
42 وأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 379
43 ومن إعلامه في التوراة 385
44 ومن إعلامه في التوراة أيضا 386
45 ومن ذكر شعيا له 387
46 ومن ذكر شعيا له 388
47 وفي حكاية يوحنا عن المسيح 390
48 وفي إنجيل متى 391
49 وذكر شعيا طريق مكة فقال: 394
50 وأما سماع الأخبار بنبوته من الجن وأجواف الأصنام ومن الكهان 396