تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٥ - الصفحة ٦٤
الكوفة ودخلوا المدائن، فقتلوا الرجال والنساء، وعليهم الزبير بن الماحوز، وقد كان قاتلهم عمر بن عبد الله التيمي أمير البصرة بسابور، وصاح أهل الكوفة بأميرهم الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة، الملقب بالقباع،) وقالوا: انهض، فهذا عدو ليست له تقية، فنزل بالنخيلة، فقام إليه إبراهيم بن الأشتر فقال: قد سار إلينا عدو يقتل المرأة والمولود، ويخرب البلاد، فانهض بنا إليه، فرحل بهم، ونزل دير عبد الرحمن، فأقام أياما حتى دخل شبث بن ربعي، فكلمه بنحو كلام إبراهيم، فارتحل ولم يكد، فلما رأى الناس بطء سيره رجزوا فقالوا:
* سار بنا القباع سيرا نكرا * يسير يوما ويقيم شهرا * فأتى الصراة، وقد انتهى إليها العدو، فلما رأوا أن أهل الكوفة قد ساروا إليهم، قطعوا الجسر، فقال ابن الأشتر للحارث القباع: أندب معي الناس حتى أعبر إلى هؤلاء الكلاب، فأجيئك برؤوسهم الساعة، فقال شبث ابن ربعي، وأسماء بن خارجة، دعهم فليذهبوا، لا تبدأوهم بقتال، وكأنهم حسدوا ابن الأشتر.
قال: ثم إن الحارث عمل الجسر، وعبر الناس إليهم فطاروا حتى أتوا المدائن، فجهز خلفهم عسكرا، فذهبوا إلى أصبهان، وحاصروها شهرا، حتى أجهدوا أهلها، فدعاهم متوليها عتاب بن ورقاء، وخطبهم وحضهم على مناجزة الأزارقة، فأجابوه، فجمع الناس وعشاهم وأشبعهم، وخرج بهم سحرا، فصبحوا الأزارقة بغتة، وحملوا حتى وصلوا إلى الزبير بن الماحوز، فقاتل حتى قتل في جماعة من عصابته، فانحازت الأزارقة إلى قطري بن الفجاءة، فبايعوه بالخلافة، فرحل بهم، وأتى ناحية كرمان، وجمع الأموال والرجال، ثم نزل إلى الأهواز، فسير مصعب لقتالهم، لما أكلبوا الناس،
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»