تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٥ - الصفحة ٣٧١
فقدم فرأى الناس يدخلون عليه بلا استئذان، فقال: من يؤذن الأمير بنا قالوا: ليس عليه حجاب، فأنشأ يقول:
* يرى بارزا للناس بشر كأنه * إذا لاح في أثوابه قمر بدر * * بعيد مراة العين مارد طرفه * حذار الغواشي رجع باب ولا ستر * * ولو شاء بشر أغلق الباب دونه * طماطم سود أو صقالبة حمر * * ولكن بشرا يسر الباب للتي * يكون له في جنبها الحمد والشكر * فقال: تحتجب الحرم، وأجزل صلته.
وقال أبو مسهر: ثنا الحكم بن هشام قال: ولى عبد الملك أخاه بشرا على العراقين، فكتب إليه حين وصله الخبر: يا أمير المؤمنين إنك قد شغلت إحدى يدي، وهي اليسرى، وبقيت الأخرى فارغة. فكتب إليه بولاية الحجاز واليمن، فلما بلغه الكتاب حتى وقعت القرحة في يمينه، فقيل) له: نقطعها من مفصل الكف، فجزع، فما أمسى حتى بلغت المرفق، ثم أصبح وقد بلغت الكتف، وأمسى وقد خالطت الجوف، فكتب إليه: أما بعد، فإني كتبت إليك يا أمير المؤمنين، وأنا في أول يوم من أيام الآخرة، قال: فجزع عليه عبد الملك، وأمر الشعراء فرثوه. وقال علي بن زيد بن جدعان: قال الحسن: قدم علينا بشر بن مروان البصرة وهو أبيض بض، أخو خليفة، وابن خليفة، فأتيت داره، فلما نظر إلى الحاجب قال: من أنت قلت: الحسن البصري. قال: ادخل، وإياك أن تطيل الحديث ولا تمله، فدخلت فإذا هو على سرير عليه فرش قد كاد أن يغوص فيها، ورجل متكيء على سيفه قائم على رأسه، فسلمت، فقال: من أنت قلت: الحسن البصري.
فأجلسني، ثم قال: ما تقول في زكاة أموالنا، ندفعها للسلطان أم إلى الفقراء قلت: أي ذلك فعلت أجزأ عنك، فتبسم، ثم رفع رأسه إلى الذي على رأسه، فقال: لشيء ما يسود من سود، ثم عدت إليه من العشي، وإذا هو قد اندحر من سريره إلى أسفل وهو يتململ، والأطباء حوله، ثم عدت من الغد والناعية
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»