النعمة وحلول النقمة إلى أحد أسرع منه إلى حملة النعمة من أصحاب السلطان والمبسوط لهم في الدولة إذا كفروا نعم الله عز وجل وإحسانه واستطالوا بما آتاهم الله عز وجل من فضله.
ودع عنك شره نفسك ولتكن ذخائرك وكنوزك التي تدخر وتكنز البر والتقوى والمعدلة واستصلاح الرعية وعمارة بلادهم والتفقد لأمورهم والحفظ لدمائهم والإغاثة لملهوفهم واعلم أن الأموال إذا كثرت وذخرت في الخزائن لا تنمو وإذا كانت في صلاح الرعية وإعطاء حقوقهم وكف مؤنة عنهم ربت وزكت ونمت وصلحت به العامة وتزينت به الولاية وطاب به الزمان واعتقد فيه العز والمنعة، فليكن كنز خزائنك تفريق الأموال في عمارة الإسلام وأهله ووفر منه على أولياء أمير المؤمنين قبلك حقوقهم وأوف رعيتك من ذلك حصصهم وتعهد ما يصلح أمورهم ومعاشهم فإنك إذا فعلت ذلك قرت النعمة عليك واستوجبت المزيد من الله عز وجل وكنت بذلك على جباية خراجك وجمع أموال رعيتك وعملك أقدر وكان الجميع لما شملهم من عدلك وإحسانك أسلس لطاعتك وأطيب نفسا بكل ما أردت، واجهد نفسك فيما حددت لك في هذا الباب ولتعظم حسنتك فيه وإنما بقي من المال ما انفق في سبيل الله واعرف للشاكرين شكرهم وأثبهم عليه.
وإياك أن تنسبك الدنيا وغرورها هول الآخرة فتتهاون بما يحق عليك، فان التهاون يورث التفريط، والتفريط يورث البوار، وليكن عملك لله،