ماني، فإنها تدعو الناس إلى ظاهر حسن كاجتناب الفواحش والزهد في الدنيا والعمل للآخرة ثم تخرجها من هذا إلى تحريم اللحوم ومس الماء الطهور وترك قتل الهوام تحرجا ثم تخرجها إلى عبادة اثنين أحدهما النور والأخر الظلمة ثم تبيح بعد هذا نكاح الأخوات والبنات والاغتسال بالبول وسرقة الأطفال من الطرق لينقذوهم من ضلال الظلمة إلى هداية النور فارفع فيها الخشب وجرد السيف فيها وتقرب بأمرها إلى الله فإني رأيت جدي العباس رضي الله عنه في المنام قلدني سيفين لقتل أصحاب الاثنين.
فلما ولي الهادي قال لأقتلن هذه الفرقة وأمر أن يهيئ له ألف جذع فمات بعد هذا القول بشهرين.
قيل وكان عيسى بن دأب من أكثر أهل الحجاز أدبا وأعذبهم ألفاظا وكان قد حظي عند الهادي حظوة لم تكن لأحد قبله وكان يدعو له بما يتكيء عليه في مجلسه وما كان يفعل ذلك بغيره وكان يقول ما استطلت بك يوما ولا ليلا ولا غبت عن عيني إلا تمنيت أن لا أرى غريك وأمر له بثلاثين ألف دينار في دفعة واحدة فلما أصبح ابن دأب أرسل قهرمانة إلى الحاجب في قبضها فقال الحاجب هذا ليس إلي فانطلق إلى صاحب التوقيع وإلى الديوان فعاد إلى ابن دأب فأخبره. فقال: اتركها.
فبينما الهادي في مستشرف له ببغداد رأى ابن دأب وليس معه إلا غلام واحد فقال للحراني إلا ترى ابن دأب ما غير حاله وقد وصلناه ليرى