حدث يشرب، والقوم الذين عصيته في أمرهم ندماؤه ووزراؤه وكتابه فكأني بهم حين يغلب عليه الشراب قد أزالوه عن رأيه قال فإني لجالس وعندي بنية لي والكانون بين يدي ورقاق أشطره بكامخ وأسخنه وأطعم الصبية وآكل وإذا بوقع الحوافر فظننت أن الدنيا قد زلزلت لوقعها ولكثرة الضوضاء فقلت هذا ما كنت أخافه.
وإذا الباب قد فتح وإذا الخدم قد دخلوا وإذا الهادي في وسطهم على دابته فلما رأيته وثبت عن مجلسي فقبلت يده ورجله وحافر دابته فقال لي يا عبد الله اني فكرت في أمرك فقلت يسبق إلي وهمك إنني إذا شربت وحولي أعداؤك أزالوا حسن رأيي فيك فيقلقك ذلك فصرت إلى منزلك لأونسك وأعلمك أن ما كان عندي لك من الحقد قد زال، فهات وأطعمني مما كنت تأكل لتعلم اني قد تحرمت بطعامك فيزول خوفك.
فأدنيت إليه من ذلك الرقاق والكامخ فأكل ثم قال هاتوا الزلة التي أزللتها لعبد الله من مجلسي فأدخلت إلي أربعمائة بغل موقرة دراهم وغيرها فقال هذه لك فاستعن بها على أمرك واحفظ هذه البغال عندك لعلي احتاج إليها لبعض أسفاري ثم انصرف.
قيل: وكان يعقوب بن داود يقول ما لعربي ولا لعجمي عندي ما لعلي بن عيسى بن ماهان فإنه دخل إلى الحبس وقال لي أمرني أمير المؤمنين الهادي أن أضربك مائة سوط فأقبل يضع السوط على يدي ومنكبي يمسني به مسا إلى أن عد مائة سوط ثم خرج فقال له الهادي ما صنعت به قال صنعت الذي أمرتني به، وقد مات الرجل فقال الهادي أنا لله وإنا إليه راجعون فضحتني والله عند الناس يقولون قتل يعقوب بن