سفرنامه - ناصر خسرو - الصفحة ١١٤
كل منهم المشاق وينفق المال الكثير في تلال مصر ومحاجرها وكثيرا ما لا يجدون الدفائن والكنوز وكثيرا ما ينفقون المال ولا يهتدون إلى شيء منها فإنهم يقولون إن أموال فرعون مدفونة في هذه المواضع ويأخذ السلطان خمس ما يكشفه المطالب والباقي له قصارى القول إن السلطان بعث هذا الخادم إلى حلب وأمده بقوة ليشد أزره وأعطاه كل ما ينبغي للملوك من الدهاليز والسرر فلما بلغ حلب وقاتل وقتل وكانت أمواله من الكثرة بحيث استغرق نقلها من خزائنه إلى خزائن السلطان شهرين وكان من جملتها ثلاثمائة جارية أكثرهن كالبدور وبعض سراريه وقد أمر السلطان بأن يكن مخيرات فمن رغبن في الزواج منهن زوجهن ومن لم يردن أعدن إلى بيوتهن وصرفت إليهن أموالهن كاملة فلم تجبر واحدة منهن على شيء ولما قتل عمدة الدولة خاف ملك حلب أن يرسل له السلطان جيشا فبادر بإرسال ابنه وهو في السابعة من عمره مع زوجه ومعهما كثير من التحف والهدايا للسلطان وذلك ليعتذرا عما فعل فلما جاءا مكثا ما يقرب من شهرين خارج مصر ولم يؤذن لهما بالدخول ولم تقبل تحفهما إلى أن شفع لهما الأئمة والقضاة عند السلطان وتوسلوا اليه أن يقابلهما ففعل ثم رجعا بالتشريف والخلع ومن جملة ما رأيت في مصر أنه إذا أراد أحدهم غرس حديقة يستطيع ذلك في أي فصل من فصول السنة فإنه يحصل دائما على الشجر الذي يريد
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»