سفرنامه - ناصر خسرو - الصفحة ١٠٨
وقيل إن راتب السكر في ذلك اليوم الذي تنصب فيه مائدة السلطان خمسون ألف من وقد رأيت على المائدة شجرة أعدت للزينة تشبه شجرة الترنج كل غصونها وأوراقها وثمارها مصنوعة من السكر وعليها ألف صورة وتمثال مصنوعة كلها من السكر أيضا ومطبخ السلطان خارج القصر ويعمل فيه دائما خمسون غلاما ويصل القصر بالمطبخ طريق تحت الأرض وجرت العادة في مصر أن يحمل إلى دار الشراب السلطانية (شرابخانة) كل يوم أربعة عشر حملا من الثلج وكان لمعظم الأمراء والخواص راتب من هذا الثلج ويصرف منه لمن يطلبه من مرضى المدينة وكذلك كل من يطلب من أهلها مشروبا أو دواء من الحرم السلطاني فإنه يعطاه كما أن هناك زيوتا أخرى كزيت البلسان وغيره كان للناس كافة أن يطلبوها فلا تمنع عنهم سيرة سلطان مصر بلغ أمن المصريين واطمئنانهم إلى حد أن البزازين وتجار الجواهر والصيارفة لا يغلقون أبواب دكاكينهم بل يسدلون عليها الستائر ولم يكن أحد يجرؤ على مد يده إلى شيء منها يحكى أنه كان بمصر يهودي وافر الثراء يتجر بالجواهر وكان مقربا من السلطان الذي كان يعتمد عليه في شراء ما يريد من الجواهر الكريمة وذات يوم اعتدى عليه الجنود وقتلوه فلما ارتكبوا هذا الجرم خشوا بطش السلطان فركب عشرون ألف فارس منهم وخرجوا إلى الميدان وهكذا خرج الجيش إلى الصحراء وخاف أهل المدينة مغبة هذه المظاهرة إذ ظل الجيش في الصحراء حتى منتصف النهار فخرج إليهم خادم القصر ووقف بباب السراي وقال إن السلطان يسأل إذا كنتم مطيعين أم لا فصاحوا صيحة واحدة نحن عبيد مطيعون ولكننا أذنبنا فقال الخادم يأمركم السلطان بأن تعودوا فعادوا في الحال
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»