العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٧١
وإن كان إذا اعترضوا المحدثين والناقلين لم يجدوا أحدا إلا وهو يخبر بما قلنا فالحق أحق أن يتبع. ولا يجوز أن يقولوا: إنا استخرجنا معرفة هذا المعنى، لان الاستخراج لا يكون إلا من عيان أو خبر.
أوليس قد كان النبي موضوعا على سريره حين زاغت الشمس يوم الاثنين إلى حين زاغت من يوم الثلاثاء، يصلى الناس عليه وهو على شفير قبره (1) وأبو بكر يصلى بالناس؟!
فإن أتوا بحديث واحد أنه صلى بالناس في غير ذلك الوقت غير أبى بكر فالقول كما قالوا. وإن أتوا بحديث واحد أنه صلى بالناس غير أبى بكر أول صلاة صلاها المسلمون [حين] اختلفوا في تأمير الامراء واستخلاف الخلفاء عليهم، كما قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير فالقول كما قالوا.
وهل يستطيعون أن يزعموا أنهم قالوا: منا مصل ومنكم مصل.
والعجب (2) كيف لم يقولوا: إن عليا لم يزل هو المصلى بالناس، والمأمور بالصلاة، فغصب حقه وظلم مقامه؟!
وكيف يجوز أن يجئ رجل من أرضه وسمائه من غير نسب ولا سبب، حتى ينفذ من أشرف المقامات، بحضرة القرابة والعشيرة، من عم وابن عم، وقريب ونسيب، وجلة المهاجرين والأنصار، والعظماء وعلية قريش، ودهماء العرب، ثم لا يتكلم في ذلك رجل واحد؟! فإنما

(1) في إمتاع الاسماع 1: 551: " فصلى عليه وسريره على شفير قبره ".
(2) في الأصل: " وللعجب ".
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»