العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٦٣
الحديث. ولو كان النبي عليه السلام حيث آخى بين المهاجرين ولم يرض لعلى إلا بنفسه لفضل على على عيره وأنه أشبه الأمة به وأقربهم حالا من حاله، ثم آثر أن يؤاخى بينه وبين رجل من الأنصار كفعله بغيره من المهاجرين - كان ينبغي له أن يؤاخى بينه وبين أفضل الأنصار.
إذ كان الذي يمنعه من أن يؤاخى بينه وبين بعض المهاجرين طلب أفضلهم، وكان ينبغي على هذا المذهب أن يؤاخى بينه وبين سعد بن معاذ.
فإن قالوا: سهل بن حنيف أفضل من سعد ومن حمى الدبر ومن غسيل الملائكة. ومن مكلم الذئب (1) ومن غيره، لم يكن هذا منكرا من مكابرتهم وجهلهم.
فإن قالوا: إنه جائز أن يؤاخى بين غير الاشكال في الفضل، وجائز ألا يؤاخى بين المتساوين والمتقاربين.
قيل لهم: فلعل أيضا النبي صلى الله عليه لم يؤاخ بين نفسه وبين على - إن كان آخاه كما زعمتم، من قبل تقارب الحال والمشاكلة في الافعال. ولعل النبي صلى الله عليه لم يؤاخ عليا رأسا إذا أجاز ألا يؤاخى بين الاشكال، ولا يقارب بين الأمثال. وأدنى ما فيه أن يكون ذلك قد كان جائزا.
فإن تركوا هذا أجمع وقالوا: كيف يجوز أن يكون أبو بكر هو الامام وقد كان النبي صلى الله عليه جعله في جيش أسامة. وما زال يقول في شكاته:
" أنفذوا جيش أسامة " يعيد ذلك ويكرره، إلى أن قبضه الله إلى جنته.

(1) انظر ما سبق في ص 139 - 140.
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»