قال الواقدي ولم يزل سائرا ليلا ونهارا حتى قدم المدينة الطيبة الأمينة بعد صلاة العصر فدخل وأناخ ناقته على باب المسجد وعقلها بفضل ذمامها ودخل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم على قبره الشريف وصلى ركعتين بين القبر والمنبر ثم تقدم فوجد عمر بن الخطاب فسلم عليه قال فرد علي السلام وصافحني وكان لما رآني أقبلت وأنا فرحان قال سالم جاء بكتاب من مصر مرحبا به ثم التفت وعن يمينه علي بن أبي طالب وعن شماله عثمان بن عفان وحوله من السادات والمهاجرين والأنصار مثل العباس بن عبد المطلب وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد وطلحة بن عبد الله وبقية الصحابة رضي الله عنه حوله ثم ناولته الكتاب فقال ما وراءك يا سالم فأنت سالم في الدنيا والآخرة إن شاء الله تعالى فقلت الخير والبشرى والأمن يا أمير المؤمنين فلما قرأ الكتاب فرح واستبشر وكانت تلك الغنائم قد وصلت إلى المدينة قبل ذلك بأيام وقسمت على الصحابة رضي الله عنهم ثم إنه استشار عمر رضي الله عنه علي ابن أبي طالب رضي الله عنه ومن حضر فأشار عليه علي بن أبي طالب أن عمرو بن العاص لا يسير بنفسه ليكون أهيب له في قلوب أعدائه وأن يجهز جيشا عشرة آلاف فارس ويؤمر عليهم خالد بن الوليد رضي الله عنه فإنه سيف الله فقال عمر صدقت وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد سيف الله تعالى وفي رواية ان خالدا سيف لا يغمد عن أعدائه ثم بات سالم تلك اليلة فلما أصبح صلى الصبح في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقبل على أمير المؤمنين عمر يسأله الجواب فعندها استدعى عمر رضي الله عنه بداوة وقرطاس ثم كتب كتابا يقول فيه بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر بن الخطاب إلى عامله على مصر ونواحيها عمرو بن العاص سلام عليك ورحمة الله وبركاته أما بعد فاني أحمد الله الذي لا إله إلا هو واصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم والسلام عليك وعلى من معك من المهاجرين والأنصار ورحمة الله وبركاته وقد قرأت كتابك وفهمت خطابك فإذا قرأت كتابي هذا فاستعن بالله واربط الخيل وارسل الامراء لكل بلد أمير ليقيموا شرائع الدين ويعلموا الاحكام ثم انتدب عشرة آلاف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر عليهم خالد بن الوليد وأرسل معه الزبير بن العوام والفضل بن العباس والمقداد بن الأسود وغانم بن عياض الأشعري ومالكا الأشتر وجيمع الامراء وأصحاب الرايات ينزلون على المدائن ويدعون الناس إلى الاسلام فمن أجاب فله ما لنا وعليه ما علينا ومن أبي فليأمروه بأداء الجزية وان عصي وامتنع فالحرب والقتال وأمرهم إذا حاصروا مدينة أن يشنوا الغارات على السواد
(٢٢١)