ولولا بشر بن ربيعة لسقاني من عموده كأس القطيعة فلما سمع قوله قصد نحوه فوجد بشرا مصفر اللون فقال له ما وراءك يا ابن ربيعة فقال ما قصر القعقاع اني لولاه لكنت من الهول على غرر فسار سعد على طريق بشر وقد سلك سبيل توفيقه فلقي القعقاع وهو يفرق الكتائب ويصدم المواكب فقال له لله درك يا ابن عمرو أين فارس الفرس وكيف خلص من يدك فقال أيها الأمير لولا أنه دخل الصفوف لسقيته كأس الحتوف وغاص من وسط الخيل ولم أبلغ منه النيل قال الواقدي ولم يزل القتال بين المسلمين والكفار إلى أن فرق الليل بينهم فرجعت كل طائفة إلى مكانها فلما رجع رستم إلى سرادقة بعث غلمانه إلى مقدمي عسكره فحضروا فقال لهم لقد خذلتم ونزل بكم العار والبوار فما الذي خذلكم وأي شيء شغلكم ونزل بكم وأنتم أولو البأس الشديد والامر العتيد وهؤلاء قوم كنا لا نعبأ بهم ولا تحدثنا أنفسنا عنهم بأمر وقد خذلوا فرسانكم وأوردوهم موارد الهلاك وقتلوا منكم الصناديد فبأي وجه ترجعون إلى المدائن وبم تحتجون عند الملك أزدشير واني أرى دولتكم قد انصرمت وأيامكم قد انقضت فقالوا أيها السيد لقد بلينا بقوم لا يرهبون الموت ولا يجزعون من الفوت وكلما طعنا صدورهم تقدموا وكلما قللنا جموعهم صدموا فقال رستم ما أرى من الرأي الا أننا في نصف الليل نكبسهم فلعلنا نظفر بهم ويكون لنا عند الملك اليد البيضاء فاستصوبوا رأيه وافترقوا لأجل أن يصلحوا شأنهم قال الواقدي حدثنا عامر بن سويد قال لما رجعنا من قتال العدو إلى خيمة سعد رأيناه جالسا على التراب فلما رآنا قال مرحبا بقوم هجروا الدنيا وطلبوا العقبى كيف كان يومكم قلنا لقد شفينا نفوسنا من الأعداء ونصرنا شرع نبينا المصطفى ولقد رميت منا رجال كثيرة من المسلسلة بنشابهم فقال سعد اجمعوا إلي العسكر جميعه وأمروا غلمانكم أن يجمعوا الشيح والقيصوم فاني أريد أمرا أرجو لكم به النجاة من الله قال ففعل القوم ذلك فقال للموالي اجعلوا ما جئتم به من الشيخ والقيسوم على ظهور الإبل ووجهوها نحو المسلسلة فإذا قربتم منها فاضرموا النار في ظهور الإبل والذعوها بأسنة الرماح حتى تدوسهم ونحن من ورائكم بسيوفنا قال ففعلوا ذلك فلما أتى الليل تقدموا أمام العسكر بالأموال والموالي من ورائهم إلى أن قربوا من المسلسلة وأطلقوا النار في الشيح ولذعوها بالأسنة فلما رأت الجمال ما على ظهورها من النار وما حل بها من الأسنة داست صفوف المسلسلة دوس الحصيد وحطمتها على وجه الصعيد وركب الأمير سعد مع
(١٩٠)