الغزوة أحب إلي من كل غزوة غزوتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال له يا بني ستلقي ربك وكان لما أذن المؤذن للظهر فما انصرف العسكر من صلاتهم الا وقد كفنه في دراعته وهو متضمخ بدمائه فجاءه الناس فوجدوه قد دفنه فقالوا له يرحمك الله هلا كنت انتظرتنا حتى نحضر جنازته قال ليس ذلك من السنة وان ذلك فعل الجاهلية وقد كنا نشتهي ان نبطىء بموتانا ولكنا أمرنا بانجاز موتانا فلما دفنه في القبر ورجع إلى رحله غسل رأسه ولحيته واكتحل ولبس برديه وأتى إلى خيمة عياض وهو يكثر من الابتسام والتكبير وليس به الا ما يسليه عن ذلك وقال هنيئا لك يا ولدي فقال له عبد الرحمن وماذا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مات له ابن وكان به ضنينا وكان عليه عزيزا فحسن عليه عزاؤه ولم يرمنه شيء في قضاء الله الا غفر له وللميت وأبداله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجه الله من الحور العين ولما طلع النهار ركب المسلمون وطلبوا الجهاد وإذا بخيل قد أتت وعليها فرسان بغير سلاح فلما قربوا منهم ترجلوا وقصدوا الأمير فابتدر إليهم يوقنا وقال لهم من أنتم قالوا نحن أصحاب ارزن الروم وهذا مقدمنا وأشاروا إلى شيخ منهم حسن الشيبة فراطنه يوقنا فقال ان الله دلني عليكم وبت الليلة على نية القتال فرأيت المسيح بن مريم في النوم وهو يأمرني باتباع محمد وقال لي أن نبي هؤلاء العرب هو الذي بشرت به فمن عدل عنه فليس مني فلما سمع يوقنا قوله ترجل هو وجميع من كان معه ومشوا معه إلى عياض وحدثه بجميع ما جرى فقام له وصافحه هو والمسلمون وحدث عياضا بما حدث يوقنا ثم أسلم هو ومن معه ففرحت بذلك الجارية طاريون وسلمت اليه أختها وسار بها إلى أرزن الروم وأرسلوا معه عشرة من المسلمين ليدعوا أرزن الروم إلى الاسلام ويعلموهم شرائع الدين قال الواقدي وهم رواحة بن عبد الله وسلامة بن عدي والمرقال بن الأكوع وابن خويلد وجرير بن صاعد وعبد الله بن صبرة وسهل بن سعد ومصعب بن ثابت وحازم بن معمر وأبو نمير بن بشار قال وودع درفشيل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتحل والعشرة معه حتى وصل أرزن الروم ففرح أهل المدينة بهم وخرجوا للقائهم فلما استقر الملك في مجلسه طلب أكابر الناس وحدثهم بما رآه وعرض عليهم الاسلام فأسلم أكثرهم وأقبل العشرة يعلمونهم شرائع الاسلام والقرآن قال وسلم القلاع والحصون التي كانت لاخلاط المسلمين فمنهم من أسلم ومنهم من أقام على أداء الجزية من عامهم الآتي وبعث عياض إلى خوى وسلواس وما يلي تلك الأرض فأسلم
(١٨١)