ة وكان قد فتحت له المطالب ونشر في الأرض العجائب وانه حدثته نفسه بملك الأرض لكثرة المال فانتهى إلى سويقة وكان له ولد اسمه إسطنبول فقال لأبيه طيماوس أريد أن أبني لي ههنا مدينة أذكر بها قال يا بني افعل وأمده بالمال والرجال فادار سورا على ستة فراسخ وسماها باسمه وعاش أربع سنين ومات وخلف ولدا اسمه قسطنطين فأتم بناءها فسميت باسمين اصطنبول باسم أبيه والقسطنطينية باسم ابنه وأما أبوه فإنه صار يفتح البلاد حتى وصل إلى ههنا فرأى هذه الأعين والدجلة فاستحسن المكان فطلب أرباب دولته وكانوا اثنين وسبعين ملكا وقال قد اخترت أن أبني ههنا مدينة لا يكون على وجه الأرض مثلها ولا أحسن منها ولا أمنع وأريد أن كل واحد منكم يبني لنفسه مدينة وبرجا فقالوا جميعا نفعل أيها الملك فركبوا واختطوا المدينة وشرعوا في بنائها وأتوا بالصناع من أقصى البلاد واختص كل ملك بمدينة وبرج وحمام وكنيسة فلما أتموا بناءها مات الملك فسميت آمد لانقضاء أمده بها وما زال الملوك يتوارثونها إلى أن انتهت إلى هذه الأخوين بطرس ويوحنا قال فتعجبت مريم من قول رايتها وكتمت الأمر وكان لبطرس ولد اسمه لاون فطلب من أخيه ابنته صفورا لولده وقال له زوج ابنتك لولدي حتى أزوج ابنتي لولدك فامتنع ووقع الشر بينهما حتى كان في وسط البلد سور وأبواب فأغلقت وصار كل واحد منهما مشغولا بناحيته فلما رأت مريم ذلك دخلت بينهم بالصلح وقالت هذا لا يجوز وأنتما أخوان ويطمع فيكما ملوك ديار بكر وركبت بنفسها وأصلحت بينهما وفتحت الأبواب التي داخل المدينة وصنعت وليمة عظيمة ودعت إليها بطرس وولده لاون وابنته صفورا فأكلوا وليمتها وقدمت لهم الخمر ممزوجا بالسم فلما تمكن منهم قتلوا عن آخرهم وكذلك فعلت بزوجها وولده وصارت ملكة وبنت بيعة لم ير ببلاد الروم مثلها وفرشت أرضها بالفصوص والرخام الملون وزخرفت الحيطان بالذهب والفضة وعلقت فيها ستور الديباج المذهب وطلبت كل عالم مشهور وأزالت عن أهل البلد جميع ما كان عليهم من الحيف وعدلت فيهم فأحبها أهل البلد وشكروا سيرتها واستخدمت الرجال وزادت في اكرامها وقصدها الناس من كل مكان لأجل عدلها وأقامت في ملك آمد اثنتي عشرة سنة وبعدها نزل عليها عياض بن غنم ومن معه وأحاط بالمدينة قال الواقدي بلغني أن عياضا نزل على التل ونزل سعيد بن زيد على باب الروم ونزل معاذ على باب الجبل ونزل خالد على باب الماء فلما نظرت الملكة مريم إلى ذلك ورأت أن الصحابة قد عولوا على حصارها ركبت إلى كنيستها وجمعت أرباب دولتها وقالت اعلموا أن هؤلاء العرب قد حلوا
(١٥٥)