سعد يرمي فلا تخطىء نباله وهو يقول واشوقاه إلى الشهادة وأن أصل إلى دار العلم والشهادة فنودي من سره ان أردت ذلك فبادر إلى ذلك ولا تخف ولا تحاذر وأطلق عنان كليتك في ميدان طلبتك وإياك والتخلف عن بابنا فمن ارادنا أردناه ومن أحبنا أحببناه فقال ها أنا أتقدم وجناني في الحقيقة لا يتألم قد بعت منك نفسي فاقبل شراها فعسى أن آتي الجنة وأراها فقيل له قد قبلناك فامرح وأطلق لسانك بشكرنا وافرح فمن باع نفسه منا لم يكن بمغبون واسمع ما سطرناه في الكتاب المكنون * (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) * قال فبينما هو كذلك إذ عبر عليه عدو الله ورماه وكذلك جميل قصده بنبلة فوقعت في صدره ومرت من ظهره ونظر جميل إلى الحجر وقد قصده فعلم أنه ميت فالتفت إلى ابن عم له اسمه رافع بن خالد وقال له بلغ العجوز سلامي وأنشدها هذه الأبيات وجعل يقول * ايا رافعا الا حملت رسالتي * تخبر أني قد لقيت حمامي * وأن جئت أمي رافعا وعشيرتي * فخصهم مني بكل سلام * وان سألت عني العجوز فقل لها * قتيل حجار لا قتيل سهام * طريحا بباب الحصن لما تطايرت * من الحجر الصلد الأصم عظامي * ولست أبالي أن قتلت لأنني * أرجي بقتلي في الجنان مقامي * قال وعلم عياض بقصته فبكى رحمة لأمه وأمر به فدفن بعد ما صلى عليه وبلغ خبره إلى أمه فصبرت صبر الكرام وقالت يا بني عشت سعيدا ومت شهيدا وسلكت سبيل آبائك فرحمك الله وآنس غربتك ونفعني بك يوم القيامة ثم قرآت * (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) * قال حدثنا معمر بن الجون النهائي وكان ممن حضر مع جده سراقة فتح رأس العين قال لما قتل بن سعد فرحت الروم وان عدو الله مرسيوس صاحب الامر بعد شهرياض لما رأى أن المسلمين معولون على حصاره مضى في الليل إلى بيعة نسطوريا وصلى بها وقرب القربان وكان من بغضه للمسلمين قد صور على باب البيعة صورة رجل من العرب وكتب عليه هذا نبي العرب فكل من دخل البيعة يبصق عليه وكان في داخل البيعة صورة القيامة والميزان والصراط والجنة والنار وصور عيسى وبيده الصليب أمه تحت لوائه على باب الجنة قال فلما صلى قال لعاصم بن رواحة لقد أردت الليلة أن أقرب عشرة من هؤلاء العرب الاسرى في بيت المذبح فقال له عاصم ليس هذا برأي أيها الملك حتى ترى ما يكون من أمر العرب وهذا بين يديك قال
(١٤٧)