والبطارقة وأولادهم وأقامهن يوم المصف على أبواب الخيام وقال لهن ما من امرأة الا ترفع ولدها وتصيح باسم بعلها وأخيها انما فعل ذلك ليثبتوا في القتال فأوقعوا الصياح من كل جانب وعملت القواضب وثبت الروم ثباتا عظيما لأجل حريمهم وأولادهم ولأجل البترك ووقف في مقابلتهم رجال من اليمن يرمونهم بالنبل وأما خالد بن الوليد فلما حمل بأصحابه وهو يريد صليب القوم سمع عياض بن غنم وهو يقول هذه الأبيات * سنحمل في جمع اللئام الكواذب * ونفري رؤوسا منهم بالقواضب * ونهزم جيش الكفر منا بهمة * تطول على أعلى الجبال الراسب * وننصر دين الله في كل مشهد * بفتيان صدق من كرام الأعارب * فيا معشر الأصحاب جدوا وجندلوا * وكروا على خيل كرام المناصب * فدونكم قصد الصليب وبادروا * لنرضى اله الخلق معطى المواهب * قال ثم قصدوا الصليب وكان اللعين شهرياض لما صف الصفوف أقام حول الصليب الأعظم اثني عشر ألف فارس كلهم لبس الزرد وترك امامهم حسكا من حديد حتى لا يصل إليهم أحد فلما حمل خالد وأصحابه وقربوا من الصليب داست خيولهم على ذلك الحدسك فانكبت على وجوهها فوقعوا عن ظهورها فانكبت عليهم الروم بغيظهم وحنقهم فأخذوهم بالأكف لأنهم وقعوا عن ظهور خيولهم من الحسك فأخذوهم عن آخرهم وارتفعت العطاعط من كل جانب وعملت المرهفات القواضب فلما نظر الأمير عياض بن غنم ما نزل بخالد ومن معه صعب عليه واشتد لديه وقال في نفسه يا ابن غنم ما يكون عذرك بين يدي الله وقد مضت هذه السادة تحت رأيتك فصاح بأعلى صوته يا معاشر المسلمين احملوا ولا تمهلوا ايقظوا هممكم وعجلوا واستخلصوا السادة من الأسر واطلبوا من الله النصر قال فلما صاح عياض أوقفوا خالدا ومن معه أمام الصفوف فتأسف ابن وضاح بن مجيد بن نافور بن عمر بن سالم بن النابغة الذبياني وكان من أفصح الناس لسانا وأجرئهم جنانا وأحدهم لسانا وأعلمهم بيانا وكان حليفا لخالد بن الوليد رضي الله عنهم فبرز يومه بمرج رغبان وقال أيها الناس ان الصبر والثبات جندان فلا يغلبان وهذا يوم يا له من يوم وما ترون من نخواتكم ومروءتكم ودينكم أن تدعوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في يد العدا فاستنقذوهم من الردى واتقوا الله الذي اليه مصيركم واعلموا ان ترك الأشياء النفيسة لا يليق الا بالنفس الخسيسة أما تحققتم ان الدنيا تئول إلى الزوال والفناء والآخرة هي دار النعيم والبقاء أما علمتم ان الهمم العلية الروحانية والأشباح الجسمانية عولت على الانتقال من الدنيا الساحرة إلى
(١٣٩)