فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ١٥
كتاب عمر فلما وصل إلى عمر بن الخطاب فرح بسلامة المسلمين واغتم على عبد الله بن حذافة واسره لأنه كان يحبه حبا شديدا فقال وعيش رسول الله لاكتبن إلى هرقل بأن يرسل عبد الله بن حذافة فإن لم يفعل والا سرت اليه بالجيوش والعساكر ثم إنه كتب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا وصلى الله على نبيه محمد المؤيد من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين أما بعد فإذا وصل إليك كتابي هذا فابعث إلي بالأسير الذي عندك وهو عبد الله بن حذافة فان فعلت ذلك رجوت لك الهداية وان أبيت بعثت إليك رجالا وأي رجال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله والسلام على من أتبع الهدى وخشي عواقب الروى ثم إنه طوى الكتاب وبعث به إلى أبي عبيدة وأمره أن ينفذه إلى هرقل فلما وصل الكتاب إلى هرقل قال له من أين كتابك هذا قال من أمير المؤمنين أمير العرب فقرأه فإذا هو من عند عمر بن الخطاب قال فدعا بعبد الله بن حذافة اليه قال عبد الله بن حذافة فدخلت عليه والتاج على رأسه والبطارقة حوله فلما وقفت بين يديه قال لي من أنت قلت رجل من المسلمين من قريش قال أنت من بيت نبيك قلت لا أنا من بني عمه قال هل لك أن تتبع ديننا وأزوجك ابنة بطريق من بطارقتي وأجعلك من أخصائي فقلت لا والله الذي لا إله إلا هو لا فارقت دين الاسلام أبدا وما جاء به محمد عليه السلام فقال أجب إلى ديننا وأنا أعطيك المال كذا وكذا ومن الغلمان كذا وكذا ومن الجواري كذا وكذا قال عبد الله ثم دعا بسفط من الجوهر وقال إذا دخلت في ديني أعطيتك إياه فقلت لا والله لو أعطيتني ملكك وملك قومك ما فارقت دين الاسلام أبدا ولو أعطيتني كل ما تملكه فقال إذا لم ترجع إلى ديني قتلتك شر قتلة فقلت لست أفعل ولو قطعتني قطعا ولو أحرقتني بالنار لا رجعت عن ديني فاصنع ما أنت صانع قال فغضب من كلامي وقال اسجد لهذا الصليب سجدة وأخلي سبيلك فقلت لست أفعل قال فكل من لحم الخنزير وأنا أطلقك قلت حاشى لله ما كنت بالذي أفعل قال فاشرب من هذا الخمر شربة واحدة وأطلقك قلت لا والله لا أشرب أبدا قال وحق ديني لتأكلن وتشربن قهرا ثم أمر بي فجعلني في بيت وجعل عندي من ذلك اللحم والخمر وقال إذا أضر به الجوع والظمأ أكل وشرب وأغلقوا علي الأبواب
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»