وكان قد أوصاهم بما يفعلونه فلما وقعت العين على العين أقبل يوقنا اليه ليعانقه وضمه إلى صدره وقبض عليه قبضة الأسد على فريسته وفعل أصحابه كما فعل وضربوا في الحال رقابهم ولم ينتطح فيها شاتان ولم يعلم بما فعلوه أحد ثم نزلوا من فورهم من السرب ومضوا إلى زبا فوجدوا شرجوان ينتظرهم فلما رآهم تبسم وأعلن بكلمة التوحيد وقال لله درك يا عبد الله فقد شرح الله صدرك للايمان وأرضيت الملك الديان فجزاه يوقنا خيرا وملك قلعة اشفكياص وجعل يدعو بالرجال ويعرض عليهم الاسلام فمن اسلم تركه وضمن بعضهم بعضا حتى لا ينهزم أحد منهم ويروح إلى صاحب قرقيسيا ويخبره بما صنع يوقنا وبعد أيام أشرف عليهم عبد الله بن غسان وسهيل بن عدي في ألفي فارس فأراهم يوقنا التمنع والاعراض وناشبهم القتال خمسة أيام وقد عرفوا أن ذلك منه حيلة وأرسل يعلمهم في السر أن القلعتين في يده والليلة أسلمهما إليكم وأظهر الهرب إلى قرقيسيا فلعل الله أن يفتحها على يدي فلما كان من الليل أمر شرجون أن يسلمهما إليهم ثم إن المسلمين أعلنوا بالتهليل والتكبير ووقع الصائح من كل جانب وشهروا القواضب وكان في يومه هذا قد وصل الرسول من صاحب قرقيبسيا بالهدايا والتحف إلى يوقنا يهنئه بالسلامة والخلاص من العرب والرجوع إلى دينه فقبل يوقنا الهدية وأنزل الرسول في خيام أصحابه وكانوا قد ضربوا لهم وطاقا في الجانب الشرقي فلما صار أصحابه المسلمين في قلعة ابا أظهر يوقنا الفزع والهلع وقال وحق ديني ما هؤلاء العرب الا شياطين ثم إنه أخذ بعض ثقل ابنته في الليل وساروا يطلبون قرقيسيا ففي ذلك قال طريف أحد بني ربيعة بن مالك وهو سائر صحبة المسلمين الصحابة رضي الله عنهم هذه الأبيات * اتينا إلى أرض الفرات مع الزبا * ونحن نروم الروم من كل فاجر * وقد أمنا ليث الحروب وسهمها * همام شجاع قاتل كل كافر * وأعني بيوقنا عليه تحية * يناصب للاعدا حيلة غادر * وقاتل أبناء الصليب وحزبهم * بحد حسام ماضي الصفح باتر * وصاح على الملعون قوم زلوبيا * فأورده في الحال سكنى المقابر * وملكنا في القلعتين كلاهما * بسعد وأقبال ونصرة قادر * سيحظى غداة البحث يوم معاده * بروح وريحان وحور قواصر * حدثنا سيف بن عمرو التميمي قال حدثنا الأنصاري عن الملهب عن طلحة عن محمد ابن أبي الدقيلي بن ميسور قال لما كان من أمر يوقنا واشفكياص ما ذكرناه وأرى من نفسه الهرب سار مع ابنته وأصحابه والرسول
(١٠٥)