قليلة، فإن قلت إن فعلان بناء نادر، لم يجئ في شئ من كلامهم، وأفعلان قد جاء نحو أنبخان وأزونان، قيل: هذا البناء وإن لم يجئ في الأبنية العربية، فقد جاء في العجمي بكم اسما، ففعلان مثله إذا لم يقيد بالألف والنون، ولا ينكر أن يجئ العجمي على ما لا تكون عليه أمثلة العربي. ألا ترى أنه قد جاء فيه نحو سراويل في أبنية الآحاد، وإبريسم وآجر ولم يجئ على ذلك شئ من أبنية كلام العرب؟
فكذلك أرجان، ويدلك على أنه لا يستقيم أن يحمل على أفعلان، أن سيبويه جعل إمعة فعلة، ولم يجعله إفعلة، بناء لم يجئ في الصفات وإن كان قد جاء في الأسماء نحو إشفى وإنفحة وإبين، وكذلك قال أبو عثمان في أما، في قولك: أما زيد فمنطلق، إنك لو سميت بها لجعلتها فعلا ولم تجعلها أفعل لما ذكرنا، وكذلك يكون على قياس قول سيبويه وأبي عثمان: الإجاص والإجانة والإجار فعالا، ولا يكون إفعالا. والهمزة فيها فاء الفعل، وحكى أبو عثمان: في همزة إجانة الفتح والكسر، وأنشدني محمد بن السري:
أراد الله أن يخزي بجيرا، فسلطني عليه بأرجان وقال الإصطخري: أرجان مدينة كبيرة كثيرة الخير، بها نخيل كثيرة وزيتون وفواكه الجروم والصرود، وهي برية بحرية، سهلية جبلية، ماؤها يسيح بينها وبين البحر مرحلة، وبينها وبين شيراز ستون فرسخا، وبينها وبين سوق الأهواز ستون فرسخا، وكان أول من أنشأها، فيما حكته الفرس، قباذ بن فيروز والد أنوشروان العادل، لما استرجع الملك من أخيه جاماسب وغزا الروم، افتتح من ديار بكر مدينتين: ميافارقين وآمد وكانتا في أيدي الروم، وأمر فبني فيما بين حد فارس والأهواز مدينة سماها أبزقباذ، وهي التي تدعى أرجان، وأسكن فيها سبي هاتين المدينتين، وكورها كورة، وضم إليها رساتيق من رامهرمز وكورة سابور وكورة أردشير خره وكورة أصبهان، هكذا قيل.
وإن أرجان لها ذكر في الفتوح، ولا أدري أهي غيرها أم إحدى الروايتين غلط، وقيل: كانت كورة أرجان بعضها إلى أصبهان، وبعضها إلى إصطخر، وبعضها إلى رامهرمز، فصيرت في الاسلام كورة واحدة من كور فارس. وحدث أحمد بن محمد بن الفقيه، قال: حدثني محمد بن أحمد الأصبهاني، قال: بأرجان كهف في جبل ينبع منه ماء شبيه بالعرق من حجارة، فيكون منه هذا الموميا الأبيض الجيد، وعلى هذا الكهف باب من حديد وحفظة، ويغلق ويختم بخاتم السلطان إلى يوم من السنة يفتح فيه، ويجتمع القاضي وشيوخ البلد حتى يفتح بحضرتهم، ويدخل إليه رجل ثقة عريان، فيجمع ما قد اجتمع من الموميا، ويجعله في قارورة، فيصير ذلك مقدار مائة مثقال أو دونها، ثم يخرج ويختم الباب بعد قفله إلى قابل، ويوجه بما اجتمع منه إلى السلطان، وخاصيته لكل صدع أو كسر في العظم يسقى الانسان الذي قد انكسر شئ من عظامه مثل العدسة، فينزل أول ما يشربه إلى الكسر فيجبره ويصلحه لوقته، وقد ذكر البشاري والاصطخري: إن هذا الكهف بكورة دارابجرد. وأنا أذكره إن شاء الله هناك. ومن أرجان إلى النوبندجان نحو شيراز ستة وعشرون فرسخا، وبينهما شعب بوان الموصوف بكثرة الأشجار والنزهة، وسنذكره في موضعه إن شاء الله تعالى. وينسب إلى أرجان جماعة كثيرة من