الأنساب - السمعاني - ج ١ - الصفحة ٣٩
شيبان بن ثعلبة، فالتفت أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بأبي وأمي! هؤلاء غرر الناس، وفيهم مفروق بن عمرو وهانئ بن قبيصة والمثنى بن حارثة والنعمان بن شريك، وكان مفروق قد غلبهم جمالا ولسانا وكانت له غديرتان تسقطان على تريبته وكان أدنى القوم مجلسا فقال أبو بكر: كيف العدد فيكم؟ فقال مفروق: أنا لنزيد على ألف ولن يغلب ألف من قلة، فقال أبو بكر: وكيف المنعة فيكم؟ فقال المفروق: علينا الجهد ولكل قوم جد، فقال أبو بكر: كيف الحرب بينكم وبين عدوكم؟ فقال مفروق: أنا لأشد ما نكون غضبا حين نلقى وإنا لأشد ما نكون لقاء حين نغضب، وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد، والسلاح على اللقاح، والنصر من عند الله، يديلنا مرة ويديل علينا أخرى، لعلك أخو قريش، فقال أبو بكر: قد بلغكم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا هو ذا، فقال مفروق: بلغنا أنه يذكر ذلك، فإلى ما تدعو يا أخا قريش؟ فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وقام أبو بكر رضي الله عنه يظله بثوبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وإلى أن تؤوني وتنصروني فإن قريشا قد ظاهرت على أمر الله وكذبت رسله واستغنت بالباطل عن الحق والله هو الغني الحميد "، فقال مفروق بن عمرو: إلى م تدعونا يا أخا قريش فوالله ما سمعت كلاما أحسن من هذا، فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " * (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) * (1) إلى قوله: * (فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصكم به لعلكم تتقون) * (2)، فقال مفروق: إلى م تدعونا يا أخا قريش - زاد فيه غيره - فوالله ما هذا من كلام أهل الأرض - ثم رجعنا إلى روايتنا - فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: * (إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) * (3)، فقال مفروق بن عمرو: دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك، وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة فقال: وهذا هانئ شيخنا وصاحب ديننا فقال هانئ: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش وإني أرى إن تركنا ديننا واتبعناك على دينك لمجلس جلسته إلينا له أول وآخر انه زلل في الرأي وقلة نظر في العاقبة وإنما تكون الزلة مع العجلة ومن ورائنا قوم نكره أن نعقد عليهم عقدا ولكن ترجع ونرجع وتنظر وننظر، وكأنه أحب أن يشركه المثنى بن حارثة فقال: وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب حربنا، فقال المثنى بن حارثة: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش والجواب فيه جواب هانئ بن قبيصة في تركنا ديننا ومتابعتك على دينك وإنا إنما نزلنا

(1) 151 - الانعام.
(2) 153 - الانعام.
(3) 90 - النحل.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»