أخبار القضاة - محمد بن خلف بن حيان - ج ٢ - الصفحة ١٧١
أخبرني إبراهيم بن أبي عثمان قال: حدثني أبو عبد الله الحوارى قال: كان عيسى ابن أبان قليل الكتاب عن محمد بن الحسن ولم يخبرني إنسان أنه رآه عند أبي يوسف وقيل لي إن الأحاديث التي ردها على الشافعي أخذها من كتاب سفيان بن سحبان وكان عيسى قد أمر بوجئ عنق رجل من عمال المسجد الجامع مذكور في أهله يدعى علي بن أبان الجبلي ينسب إلى جبلة بن عبد الرحمن وهو ابن عمهم فشخص إلى مدينة السلام فاستخرج كتابا إلى عبد الله بن محمد بن حفص بن عائشة فلما بلغ عبد الله بن عائشة أنه مكتوب اليه في ذلك كرهه وقال: إن جاءني الكتاب في ذلك استعفيت من النظر بينهما وعمل نسخة يستعفى فيها ويذكر أن عيسى قاض على بلدة ليس بمعروف وأنه لا يأمن من أن يعود عليه بما يكره ثم رجع عن رأيه حين جاءه الكتاب ووعد علي بن أبان النظر بينهما واتعدوا لذلك يوما معلوما؛ فأرادوا عيسى أن يتحول من مجلسه الذي كان يجلس فيه للحكم؛ فأبى أن يفعل فسئل أن يدخل المقصورة ليحول بين العوام وبينهم لكثرة الناس واجتماعهم فأبى أن يفعل فصار ابن عائشة اليه في مجلسه فجلس إلى جنبه وجلس ابن أبان بين أيديهما فسأل ابن عائشة على أن يجلسه معه فأراد ابن عائشة عيسى على ذلك فأبى فنظر بينهما على حالهما في مجلسهما فادعى على عيسى أشياء؛ منها أنه أمر بوجئ عنقه فأقر عيسى أن قد فعل وأنه استوجب الأدب عندي فأمرت بوجئ عنقه فقال ابن عائشة: فليس من تأديب للقضاة وجئ الأعناق فما كان يؤمنك أن يتلف؟ فربما غلب من ذلك بعض من يؤمن به فقال: قد كان ذلك ولم أفعله إلا عند استحقاق منه للأدب وتفرقوا ولم يلزمه ابن عائشة حكما ثم سأل على ابن عائشة العودة للنظر بينهما فأرسل ابن عائشة إلى عيسى بعده فأبى عيسى أن يفعل فقال لم تؤمر أن تجعلني خصما أناظره كلما أراد إنما أمرت بالنظر بينتا فنظرت.
((عفة عيسى)) وكان عيسى سخيا عفيفا ولى القضاء عشر سنين وكان ذا مال قبل ولايته
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»