معجم المطبوعات النجفية - محمد هادي الأميني - الصفحة ٥١
في حياته كتابا واحدا وقد لا يمسكه ولا ينظر إليه، وذهب عليه ان المعلومات الانسانية والمدركات العلمية كلها مستمدة من الأشياء الخارجية التي تحيط بالإنسانية، فكلما زاد احتكاك الانسان بهذه الأشياء وكثر اطلاعه عليها، كلما زاد علمه وكثرت معارفه ولذلك فان الرجل الذي ساح البلاد وانتقل في أصقاع الأرض وبلادها وبقاعها ووقف على كثير من المعارف والأشياء واحتك بأناس مختلفين، يكون أكثر علما وأوسع اطلاعا من رجل قروي لم يزايل قريته ولم يتعد نظره دائرة ضيقة يظل محصورا فيها ولا يقوى فكره على اجتياز حدودها ومحيطها.
وأية نظرة سخيفة هزيلة من هذه التي يظن الكثير من أفراد شعبنا ان الكتاب والمكتبات لا تحتاج إلى موهبة خاصة أو فطرة سمحة، وأن انشائها من عمل الصبية لا من صميم الحياة، وهذا لا شك ناشئ من الجهل المطبق على شعبنا وتغلل الأمية وحكومتها فينا ان الطبقة المثقفة من أبناء الرافدين في الواقع، هم الذين يديرون الكفة الكبرى من المقاهي والگازينات والكباريهات بترددهم إليها منذ طلوع الفجر إلى منتصف الليل فيقضي ساعات طويلة من نهاره في الجلوس عند المقاهي والتسكع أمام المحلات والمتاجر ويستنفذ طاقاته في النواحي الساقطة وفي كل ما هو بعيد عن مجتمعنا وعالمنا
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»