سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٣ - الصفحة ٣٦٩
قال سليمان بن الخليل: سمعت الحربي يقول: في [كتاب أبي عبيد] " غريب الحديث " ثلاثة وخمسون حديثا ليس لها أصل (1).
قال أبو الحسن الدارقطني: الحربي إمام، مصنف، عالم بكل شئ، بارع في كل علم، صدوق.
قال أبو بكر الشافعي: سمعت إبراهيم الحربي يقول: عندي عن علي ابن المديني قمطر، ولا أحدث عنه بشئ، لأني رأيته المغرب وبيده نعله مبادرا، فقلت: إلى أين؟ قال: ألحق الصلاة مع أبي عبد الله. فظننته يعني أحمد بن حنبل، ثم قلت: من أبو عبد الله؟ قال: ابن أبي دؤاد (2).
وقيل: إن المعتضد لما نفذ إلى الحربي بالعشرة آلاف فردها، فقيل له: ففرقها، فأبى، ثم لما مرض، سير إليه المعتضد ألف دينار، فلم يقبلها، فخاصمته بنته، فقال: أتخشين إذا مت الفقر؟ قالت: نعم.
قال: في تلك الزاوية اثنا عشر ألف جزء حديثية ولغوية وغير ذلك كتبتها

(١) تاريخ بغداد: ٦ / ٣٥ - ٣٦، والزيادة منه، وتتمة الخبر فيه: " قد علمت عليها في كتاب السروي ". ولهذا لا يجوز لطالب العلم أن يعتمد على الأحاديث المنثورة في كتب الغريب جميعا دونما بحث عن من خرجها، وفحص لأسانيدها.
(٢) انظر الخبر في: تاريخ بغداد: ٦ / ٣٧، وميزان الاعتدال: ٣ / 138.
وعد صلته بابن أبي دؤاد وقبول الجائزة منه قدحا في حقه، من التهور البالغ الذي يستوجب قائله الذم والتوبيخ والتقريع، ونسبة تضعيف قيس بن أبي حازم إليه، ردها الخطيب في " تاريخه ". وقد قال المؤلف - رحمه الله - في " ميزانه ": 3 / 141، وهو بصدد الرد على العقيلي: ثم ما كل أحد فيه بدعة، أوله هفوة أو ذنوب يقدح فيه بما يوهن حديثه، ولا من شرط الثقة أن يكون معصوما من الخطايا والخطأ، بل فائدة ذكرنا كثيرا من الثقات الذين فيهم أدنى بدعة أو لهم أوهام يسيرة في سعة علمهم أن يعرف أن غيرهم أرجح منهم وأوثق إذا عارضهم أو خالفهم.
وأما علي بن المديني، فإليه المنتهى في معرفة علل الحديث النبوي، مع كمال المعرفة بنقد الرجال، وسعة الحفظ والتبحر في هذا الشأن، بل لعله فرد زمانه في معناه.
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»