سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٣ - الصفحة ٣٦٧
أبو الحسن بن جهضم - واه -: حدثنا جعفر الخلدي، حدثنا أحمد ابن عبد الله بن ماهان: سمعت إبراهيم بن إسحاق يقول: أجمع عقلاء كل ملة أنه من لم يجر مع القدر لم يتهنأ بعيشه.
وكان يقول: قميصي أنظف قميص، وإزاري أوسخ إزار، ما حدثت نفسي أنهما يستويان قط، وفرد عقبي (1) صحيح والآخر مقطوع، ولا أحدث نفسي أني أصلحهما، ولا شكوت إلى أهلي وأقاربي حمى أجدها، لا يغم الرجل نفسه وعياله، ولي عشر سنين أبصر بفرد عين، ما أخبرت به أحدا، وأفنيت من عمري ثلاثين سنة برغيفين، إن جاءتني بهما أمي أو أختي، وإلا بقيت جائعا إلى الليلة الثانية، وأفنيت ثلاثين سنة برغيف في اليوم والليلة، إن جاءتني امرأتي أو بناتي به، وإلا بقيت جائعا، والآن آكل نصف رغيف وأربع عشرة تمرة، وقام إفطاري في رمضان هذا بدرهم ودانقين ونصف (2).
قال أبو القاسم بن بكير: سمعت إبراهيم الحربي يقول: ما كنا نعرف من هذه الأطبخة شيئا، كنت أجئ [من] عشي إلى عشي، وقد هيأت لي أمي باذنجانة مشوية، أو لعقة بن (3)، أو باقة (4) فجل (5).
محمد بن أيوب العكبري: سمعت إبراهيم الحربي يقول: ما تروحت ولا روحت قط، ولا أكلت من شئ في يوم مرتين (6).

(١) العقب هنا: النعل، على سبيل المجاز.
(٢) انظر: تاريخ بغداد: ٦ / ٣٠ - ٣١، وطبقات الحنابلة: ٨٦ - ٨٧، معجم الأدباء:
١ / ١١٣ - ١١٥.
(٣) البن، بكسر الباء: الطبقة من الشحم.
(٤) الباقة: الحزمة من البقل، وكثيرا ما تستخدم خطأ للحزمة من الورود والريحان وغيرهما من الورد، والصواب في الثانية: " الطاقة ".
(٥) تاريخ بغداد: ٦ / 31.
(6) المصدر السابق.
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»