سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٣ - الصفحة ٣٠
وعن عبد الرحمن بن خراش، قال: كان ابن وارة من أهل هذا الشأن المتقنين الامناء، كنت ليلة عنده، فذكر أبا إسحاق السبيعي، فذكر شيوخه، فذكر (1) في طلق واحد سبعين ومئتين من شيوخه، ثم قال: كان غاية، شيئا عجبا.
وقال عثمان بن خرزاذ: سمعت الشاذكوني يقول: جاءني محمد بن مسلم، فقعد يتقعر (2) في كلامه، فقلت له: من أي بلد أنت؟ قال: من أهل الري، ألم يأتك خبري؟ ألم تسمع بنبئي؟ أنا ذو الرحلتين. قلت:
من روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إن من الشعر حكمة "؟ فقال: حدثني بعض أصحابنا. قلت: من؟ قال: أبو نعيم وقبيصة. قلت: يا غلام! ائتني بالدرة، فأتاني بها، فأمرته، فضربه بها خمسين، وقلت: أنت تخرج من عندي، ما آمن أن تقول: حدثني بعض غلماننا (3).
قال زكريا الساجي: جاء ابن وارة إلى أبي كريب، وكان في ابن وارة بأو (4)، فقال لأبي كريب: ألم يبلغك خبري؟ ألم يأتك نبئي، أنا ذو الرحلتين، أنا محمد بن مسلم بن وارة. فقال: وارة؟ وما وارة؟ وما أدراك ما وارة؟ قم، فوالله لا حدثتك، ولا حدثت قوما أنت فيهم (5).

(١) في التذكرة: ٢ / ٥٧٥: " فذكر أبا إسحاق السبيعي وشيوخه ما نذكر منهم... ".
(٢) التقعير: أن يتكلم بأقصى قعر فمه. وانظر ما جاء في " البيان والتبيين " للجاحظ:
١ / ١٣ (٣) الخبر في " تذكرة الحفاظ ": ٢ / ٥٧٦. وحديث: " إن من الشعر حكمة " أخرجه البخاري: ١٠ / ٤٤٥، ٤٤٦، باب ما يجوز من الشعر والرجز، وأبو داود: (٥٠١٠)، في الأدب: باب ما جاء في الشعر، من حديث أبي بن كعب. وأخرجه الترمذي: (٢٨٤٨)، وأبو داود: (٥٠١١)، من حديث بن عباس. وأخرجه الترمذي: (٢٨٤٧)، من حديث ابن مسعود.
(٤) البأو: الكبر والتيه.
(٥) تذكرة الحفاظ: ٢ / 576.
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»