سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٧ - الصفحة ٥٣
قال علي: وسمعت يحيى يقول: الحجاج بن أرطاة (1) ومحمد بن إسحاق - يعني سواء - وأشعث بن سوار دونهما. وقال: تركت ابن إسحاق متعمدا.
إبراهيم الحزامي: عن ابن أبي فديك قال: رأيت محمد بن إسحاق يكتب عن رجل من أهل الكتاب.
قلت: هذا يشنع به على ابن إسحاق، ولا ريب أنه حمل ألوانا عن الذمة مترخصا بقوله - صلى الله عليه وسلم - " حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج " (2) أبو جعفر العقيلي: حدثني أسلم بن سهل، حدثني محمد بن عمرو بن عون، حدثنا محمد بن يحيى بن سعيد القطان قال: قال أبي: سمعت مالكا يقول: يا أهل العراق من يغت (3) عليكم بعد محمد بن إسحاق؟

(١) ستأتي ترجمته ص ٦٨.
(٢) أخرجه البخاري: ٦ / ٣٦١، في أحاديث الأنبياء: باب ما ذكر عن بني إسرائيل، من حديث عبد الله بن عمرو: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
وما نمي إلينا من أخبارهم، ففي تسويغ روايته عنهم تفصيل: فما جاء منها موافقا لما في شرعنا صدقناه، وجازت روايته، وما جاء مخالفا لما في شرعنا كذبناه، وحرمت روايته إلا لبيان بطلانه، وما سكت عنه شرعنا توقفنا فيه، فلا نحكم عليه بصدق ولا بكذب، وتجوز روايته. وغالب ما يروى من ذلك راجع إلى القصص والاخبار، لا إلى العقائد والاحكام. لكن ينبغي أن يعلم أن إباحة التحدث عنهم فيما ليس عندنا دليل صدقه ولا كذبه لا يسوغ لنا أن نذكره في تفسير القرآن، ونجعله قولا أو رواية في معنى الآيات أو في تعيين ما لم يعين فيها، أو في تفصيل ما أجمل فيها، لان في إثبات مثل ذلك بجوار كلام الله ما يوهم أن هذا الذي لا نعرف صدقه ولا كذبه مبين لمعنى قول الله سبحانه، ومفصل لما أجمل فيه. وحاشا لله ولكتابه من ذلك. وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أذن بالتحدث عنهم، أمرنا أن لا نصدقهم ولا نكذبهم، فأي تصديق لرواياتهم وأقاويلهم أقوى من أن نقرنها بكتاب الله، ونضعها منه موضع التفسير أو البيان؟!
(3) يغت عليكم: أي: يفسد عليكم، من غت الكلام غتا: إذا فسد. قال قيس بن الخطيم: ولا يغت الحديث إذ نطقت * وهو، بفيها، ذو لذة طرب
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»