سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٦ - الصفحة ٤٩
الجمعة من سنة تسع وعشرون ومئة، ومتولي خراسان إذ ذاك الأمير نصر بن سيار الليثي، نائب مروان بن محمد، الحمار، خاتمة خلفاء بني مروان، إلى أن قال: فكان ظهوره يومئذ في خمسين رجلا. وآل أمره إلى أن هرب منه نصر بن سيار قاصدا العراق. فنزل به الموت بناحية ساوة، وصفا إقليم خراسان لأبي مسلم، صاحب الدعوة، في ثمانية وعشرين شهرا.
قال: وكان أبوه من أهل رستاق فريذين (1)، من قرية تسمى، سنجرد، وكانت هي وغيرها ملكا له. وكان يجلب في بعض الأوقات، مواشي إلى الكوفة. ثم إنه قاطع على رستاق فريذين. يعني ضمنه فغرم. فنفذ إليه عامل البلد من يحضره، فهرب بجاريته وهي حبلى، فولدت له هذا. فطلع ذكيا، واختلف إلى الكتاب، وحصل، ثم اتصل بعيسى بن معقل، جد الأمير أبي دلف العجلي، وبأخيه إدريس بن معقل، فحبسهما أمير العراق على خراج انكسر، فكان أبو مسلم يختلف إليهما إلى السجن، ويتعهدهما. وذلك بالكوفة، في اعتقال الأمير خالد بن عبد الله القسري، فقدم الكوفة جماعة من نقباء الإمام محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، والد المنصور والسفاح، فدخلوا على الأخوين يسلمون عليهما، فرأوا عندهما أبا مسلم، فأعجبهم عقله وأدبه وكلامه، ومال هو إليهم. ثم إنه عرف أمرهم ودعوتهم. يعني إلى بني العباس، ثم هرب الاخوان: عيسى وإدريس من السجن، فلزم هو النقباء، وسار صحبتهم إلى مكة، فأحضروا إلى إبراهيم بن الإمام وقد مات الإمام محمد عشرين ألف دينار، ومئتي ألف درهم وأهدوا له أبا مسلم، فأعجب به. وقال إبراهيم لهم: هذا عضلة من العضل.
فأقام أبو مسلم يخدم الامام إبراهيم، ورجع النقباء إلى خراسان.

(1) على هامش الأصل كتب: " فريذن " بدون ياء، وكتب إلى جانبها علامة صح. وما جاء في الأصل موافق لما جاء في ابن خلكان.
سير 6 / 4
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»