سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة ٤٣٤
فقال: وإن نخرتم والله، اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي - والسيوم الآمنون - من سبكم غرم، ثم من سبكم غرم، ما أحب أن لي دبرى (1) ذهبا وأني آذيت رجلا منكم. - والدبر بلسانهم الجبل - ردوا عليهما هدايا هما، فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي، فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس في، فأطيعهم فيه. فخرجا مقبوحين، مردودا عليهما ما جاءا به، وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار. فوالله إنا على ذلك، إذ نزل به، يعني من ينازعه في ملكه، فوالله ما علمنا حربا قط كان أشد من حرب حربناه (2)، تخوفا أن يظهر ذلك على النجاشي، فيأتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه، وسار النجاشي وبينهما عرض النيل. فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رجل يخرج حتى يحضر وقعة القوم ثم يأتينا بالخبر؟ فقال الزبير: أنا، وكان من أحدث القوم سنا. فنفخوا له قربة، فجعلها في صدره، ثم سبح عليها حتى خرج إلى مكان الملتقى، وحضر، فدعونا الله للنجاشي بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده، واستوسق (3) له أمر الحبشة، فكنا عنده في خير منزل حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة (4).
سليمان بن بنت شرحبيل: عن عبد الرحمن بن بشير، و عبد الملك بن

(1) قال ابن الأثير: هو بالقصر، اسم جبل. وفي رواية: ما أحب أن يكون لي دبرا من ذهب والدبر في لسانهم: الجبل. هكذا فسر. وهو في الأولى معرفة، وفي الثانية نكرة.
(2) كذا الأصل. وفي " السيرة النبوية "، بخط المؤلف - ورقة 48 - و " المسند " " حزنا قط كان أشد من حزن حزناه ". وسيشير إليها المصنف فيما بعد. والحرب: الغضب، والنزاع، والخصومة.
(3) استوسق له أمر الحبشة: أي اجتمعوا على طاعته، فاستقر له الملك فيهم. تحرفت في المطبوع إلى " استوثق ".
(4) إسناده قوي، وأخرجه أحمد 1 / 201 و 5 / 290، وابن هشام 1 / 334 - 338، وذكره الهيثمي في " المجمع " 6 / 24 - 27 وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وابن إسحاق صرح بالسماع، وذكره الحافظ ابن كثير في " البداية " 3 / 72 - 75 بأطول مما هنا.
(٤٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 ... » »»