سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة ٤٣٣
نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وشقوا (1) علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلدك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك.
قالت: فقال: هل معك مما جاء به عن الله من شئ؟ قال: نعم؟ قال:
فاقرأه علي، فقرأ عليه صدرا من (كهيعص). فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلي عليهم، ثم قال النجاشي: إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة. انطلقا، فوالله لا أسلمهم إليكم أبدا ولا أكاد.
فلما خرجا قال عمرو: والله لأنبأنه غدا عيبهم ثم (2) أستأصل خضراءهم.
فقال له عبد الله بن أبي ربيعة، وكان أتقى الرجلين فينا: لا تفعل، فإن لهم أرحاما وإن كان قد خالفونا. قال: والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى عبد.
ثم غدا عليه، فقال: أيها الملك! إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما، فأرسل إليهم، فسلهم عما يقولون فيه. فأرسل يسألهم.
قالت. ولم ينزل بنا مثلها، فاجتمع القوم، ثم قالوا: نقول والله فيه ما قال الله تعالى كائنا ما كان. فلما دخلوا عليه قال لهم: ما تقولون في عيسى؟ فقال له جعفر: نقول فيه الذي جاء به نبينا (3). هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول. فضرب النجاشي يده إلى الأرض، فأخذ عودا، ثم قال: ما عدا عيسى ما قلت هذا العود. فتناخرت بطارقته حوله،

(1) تحرفت في المطبوع إلى " ضيقوا ".
(2) تحرفت في المطبوع إلى " عنهم بما ".
(3) تحرفت في المطبوع إلى " ديننا ".
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»