سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة ١٨٣
يونس بن بكير: عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: جاءت صفية يوم أحد معها ثوبان لحمزة، فلما رآها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كره أن ترى حمزة على حاله.
فبعث إليها الزبير يحبسها، وأخذ الثوبين. وكان إلى جنب حمزة قتيل من الأنصار، فكرهوا أن يتخيروا لحمزة فقال: أسهموا بينهما فأيهما طار له أجود الثوبين فهو له. فأسهموا بينهما، فكفن حمزة في ثوب، والأنصاري في ثوب (1).
ابن إسحاق: عن إسماعيل بن أمية، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال النبي، صلى الله عليه وسلم،: لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا: من يبلغ إخواننا عنا أننا أحياء في الجنة نرزق لئلا ينكلوا عند الحرب ولا يزهدوا في الجهاد، قال الله: أنا أبلغهم عنكم.

(1) سنده جيد. وأخرجه أحمد 1 / 165 والبيهقي في سننه 4 / 401 - 402 من طريق سليمان بن داود الهاشمي، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام، عن عروة قال: أخبرني أبي الزبير، رضي الله عنه، أنه لما كان يوم أحد، أقبلت امرأة تسعى، حتى إذا كادت أن تشرف على القتلى، قال: فكره النبي، صلى الله عليه وسلم، أن تراهم. فقال: المرأة المرأة. قال الزبير، رضي الله عنه: فتوسمت أنها أمي صفية. قال: فخرجت أسعى إليها، فأدركتها قبل أن تنتهي إلى القتلى، قال: فلدمت في صدري وكانت امرأة جلدة، قالت: إليك لا أرض لك. قال: فقلت: إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عزم عليك قال: فوقفت وأخرجت ثوبين معها، فقالت: هذان ثوبان جئت بهما لاخي حمزة، فقد بلغني مقتله، فكفنوه فيهما. قال: فجئنا بالثوبين لنكفن فيهما حمزة فإذا إلى جنبه رجل من الأنصار قتيل، قد فعل به كما فعل بحمزة. قال: فوجدنا غضاضة وحياء أن نكفن حمزة في ثوبين والأنصاري لا كفن له. فقلنا: لحمزة ثوب وللأنصاري ثوب. فقدرناهما فكان أحدهما أكبر من الآخر، فأقرعنا بينهما فكفنا كل واحد منهما في الثوب الذي صار له ".
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»