سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة ١٧٥
فأنت حر. وكنت صاحب حربة أرمي قلما أخطئ بها. فخرجت مع الناس، فلما التقوا، أخذت حربتي، وخرجت أنظر حمزة، حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق (1)، يهد الناس بسيفه هدا ما يليق (2) شيئا. فوالله إني لا تهيأ له إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى الخزاعي، فلما رآه حمزة، قال: هلم إلى أبا ابن مقطعة البظور (3)! ثم ضربه حمزة، فوالله لكأن (4) ما أخطأ رأسه، ما رأيت شيئا قط كان أسرع من سقوط رأسه. فهززت حربتي، حتى إذا رضيت عنها، دفعتها عليه، فوقعت في ثنته (5) حتى خرجت بين رجليه. فوقع، فذهب لينوء (6)، فغلب، فتركته وإياها، حتى إذا مات، قمت إليه، فأخذت حربتي. ثم رجعت إلى العسكر، فقعدت فيه، ولم يكن لي حاجة بغيره. فلما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، هربت إلى الطائف. فلما خرج وفد الطائف ليسلموا، ضاقت علي الأرض بما رحبت، وقلت: ألحق بالشام، أو اليمن، أو بعض البلاد. فوالله إني لفي ذلك من همي، إذ قال رجل: والله إن (7) يقتل محمد أحدا دخل في دينه. فخرجت حتى

(1) الذي لونه بين الغبرة والسواد. وسمي كذلك لما عليه من الغبار.
(2) جاء في " أساس البلاغة ": هذا سيف لا يليق شيئا، أي: لا يمر بشئ إلا قطعه. وقال:
بأفل عضب لا يليق ضريبة * في متنه دخن وأثر أحلس وفي السيرة لابن هشام: ما يقوم له شئ.
(3) البظور: جمع بظر: وهي اللحمة التي تقطع من فرج المرأة عند الختان. قال ابن إسحاق:
كانت أمه ختانة بمكة تختن النساء. والعرب تطلق هذا اللفظ في معرض الذم. وإلا قالوا: خاتنة.
انظر " فتح الباري " 7 / 369 سلفية.
(4) سقط لفظ " لكأن " من المطبوع.
(5) الثنة: أسفل البطن إلى العانة.
(6) أي: لينهض متثاقلا.
(7) تصحفت في المطبوع إلى " لن ". و " إن " هنا بمعنى " ما " النافية.
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»