سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة ١٣٤
عبد الرحمن، عن أسامة بن زيد، عن زيد بن حارثة قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مردفي إلى نصب من الأنصاب، فذبحنا له - ضمير له راجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - شاة، ووضعناها في التنور، حتى إذا نضجت، جعلناها في سفرتنا، ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير، وهو مردفي، في أيام الحر. حتى إذا كنا بأعلى الوادي، لقي زيد بن عمرو، فحيى أحدهما الآخر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
مالي أرى قومك قد شنفوا لك، أي: أبغضوك؟ قال: أما والله إن ذلك مني لغير نائرة كانت مني إليهم، ولكني أراهم على ضلالة، فخرجت أبتغي الدين، حتى قدمت على أحبار أيلة، فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به، فدللت على شيخ بالجزيرة، فقدمت عليه، فأخبرته، فقال: إن كل من رأيت في ضلالة، إنك لتسأل عن دين هو دين الله وملائكته، وقد خرج في أرضك نبي، أو هو خارج، ارجع إليه، واتبعه. فرجعت، فلم أحس شيئا، فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم البعير، ثم قدمنا إليه السفرة، فقال: ما هذه؟ قلنا: شاة ذبحناها للنصب كذا. قال: فقال إني لا آكل مما ذبح لغير الله، ثم تفرقا، ومات زيد قبل المبعث، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يأتي أمة وحده " (1).
رواه إبراهيم الحربي في " الغريب " عن شيخين له، عن أبي أسامة، ثم قال: في ذبحها على النصب وجهان: إما أن زيدا فعله عن غير أمر النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنه كان معه، فنسب ذلك إليه، لان زيدا لم يكن معه من العصمة والتوفيق

(1) إسناده حسن. وذكره الحافظ في " المطالب العالية " (4057) ونسبه إلى أبي يعلى. وذكره الهيثمي في " المجمع " 9 / 417، 418 ونسبه إلى أبي يعلى والبزار، والطبراني، وقال: وأحد أسانيد الطبراني رجال الصحيح، غير محمد بن عمرو بن علقمة، وهو حسن الحديث. وابن سعد، مختصرا 3 / 1 / 277 والنائرة: العدواة. وأيله: مدينة على ساحل البحر الأحمر، وهي العقبة.
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»