سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة ١٢٧
وقال: اللهم إني على دين إبراهيم (1) ولكن لم يظفر بشريعة إبراهيم عليه السلام كما ينبغي، ولا رأى من يوقفه عليها، وهو من أهل النجاة، فقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بأنه " يبعث أمة وحده " (2) وهو ابن عم الامام عمر بن الخطاب، رأى النبي، صلى الله عليه وسلم، ولم يعش حتى بعث.
فنقل يونس بن بكير، وهو من أوعية العلم بالسير، عن محمد بن إسحاق قال: قد كان نفر من قريش: زيد بن عمرو بن نفيل، وورقة بن نوفل، وعثمان ابن الحارث بن أسد، وعبيد [الله] بن جحش، وأميمة ابنة عبد المطلب حضروا قريشا عند وثن لهم، كانوا يذبحون عنده لعيد من أعيادهم، فلما اجتمعوا، خلا أولئك النفر بعضهم إلى بعض، وقالوا: تصادقوا وتكاتموا، فقال قائلهم: تعلمن والله ما قومكم على شئ، لقد أخطؤوا دين إبراهيم وخالفوه، فما وثن يعبد لا يضر ولا ينفع، فابتغوا لأنفسكم، قال: فخرجوا يطلبون ويسيرون في الأرض، يلتمسون أهل كتاب من اليهود والنصارى والملل كلها يتطلبون الحنيفية، فأما ورقة فتنصر، واستحكم في النصرانية، وحصل الكتب، وعلم علما كثيرا، ولم يكن فيهم أعدل شأنا من زيد: اعتزل الأوثان والملل إلا دين إبراهيم يوحد الله تعالى، ولا يأكل من ذبائح قومه، وكان الخطاب عمه قد آذاه، فنزح عنه إلى أعلى مكة، فنزل حراء، فوكل به الخطاب شبابا سفهاء لا يدعونه يدخل مكة، فكان لا يدخلها إلا سرا. وكان الخطاب أخاه أيضا من أمه، فكان يلومه على فراق دينه. فسار زيد إلى الشام والجزيرة والموصل يسأل عن الدين (3).

(١) سقط من مطبوع دار المعارف من قوله: فرأى النصارى... إلى قوله: على دين إبراهيم.
(2) سيرد الحديث في الصفحة (130) وسيخرج هناك.
(3) الخبر عند ابن هشام 1 / 222، وفي " الاستيعاب " 4 / 189، وعند ابن الأثير في " الكامل " 2 / 47 - 48.
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»