مضافا إلى إمكان حياء المزكي عن بيان ما عنده من الجرح.
أقول: هذا إنما يفيد إذا كان المراد من السر خفاء الشاهدين، وقال والدي العلامة (رحمه الله): لا بمحضر من الناس. ومقتضاه الخفاء عن الناس، ويدل عليه أنه ربما كان عند المزكي الجرح، ولا دليل على جواز إظهاره عند غير الحاكم، لأنه من الغيبة المحرمة.
وأما الاستخفاء عن المتداعيين فلم أقف على مصرح به، ولا دليل على رجحانه، بل قد يرجح خلافه، لأنه أبعد من اتهام الحاكم.
وقد يحمل على ذلك ما قال في التحرير - من قوله: وإذا عدله المزكون فللقاضي التوقف إذا انفرد بتسامع الفسق، لأنه محل الريبة (1) - بحمل التعديل على بيان الحال ولو كان فسقا، وحمل التوقف على التوقف حين (2) يسمعه المتداعيان.
وهو خلاف الظاهر جدا، بل الظاهر أن مراده: أنه إذا شهد المزكون بعدالته، وعلم الحاكم بالفسق، فله أن يتوقف عن الحكم احترازا عن الريبة.
وفيه: أن التوقف حينئذ أيضا محل الريبة، فلا يفيد، بل له الحكم بمقتضى علمه - كما في سائر معلوماته - إذا لم تكن مفسدة في الريبة.
المسألة التاسعة: قيل: ينبغي للقاضي أن يعرف المزكي الخصمين لتجويز معرفته بعداوة بينهما أو شركة (3).
وفيه: أن الكلام في الجرح والتعديل دون غيرهما.