العلل - أحمد بن حنبل - ج ١ - الصفحة ٧٣
قال الامام: فأخذت وسحبت وخلعت وجئ بالعقابين (1) والسياط وأنا أنظر وكان معي شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم مصرورة في ثوبي.
فجردوني منه وصرت بين العقابين فقلت: يا أمير المؤمنين، الله الله، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله إلا بإحدى ثلاث وتلوت الحديث. وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا أله إلا الله، فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم. فبم تستحل دمي ولم آت شيئا من هذا؟
يا أمير المؤمنين أذكر وقوفك بين يدي الله كوقوفي بين يديك فكأنه أمسك. ثم لم يزالوا به يقولون له: يا أمير المؤمنين إنه ضال مضل. كافر.
فأمر بي فقمت بين العقابين وجئ بكرسي فأقمت عليه وأمرني بعضهم أن آخذ بيدي بأي الخشبتين فلم أفهم، فتخلعت يداي، وجئ بالضرابين ومعهم السياط. فجعل أحدهم يضربني سوطين ويقول له: يعني المعتصم:
شد قطع الله يديك، ويجئ الاخر فيضربني سوطين ثم الاخر كذلك فضربوني أسواطا فأغمي علي وذهب عقلي مرارا فإذا سكن الضرب يعود علي عقلي. وقام المعتصم إلي يدعوني إلى قولهم. فلم أجبه، وجعلوا يقولون: ويحك، الخليفة على رأسك، فلك أقبل، وأعاد والضرب ثم عاد إلي، فلم أجبه، فأعادوا الضرب ثم جاء إلي الثالثة، فدعاني فلم أعقل ما قال من شدة الضرب، ثم أعادوا الضرب فذهب عقلي فلم أحس بالضرب وأرعبه ذلك من أمري، وأمرني فأطلقت ولم أشعر إلا وأنا في حجرة من بيت. وقد أطلقت الأقياد من رجلي وكان ذلك في اليوم العشرين من رمضان من سنة إحدى وعشرين ومأتين.
وكان جملة ما ضرب نيفا وثلاثين سوطا وقيل: ثمانين سوطا ولكن

(1) العقابان: خشبتان يشج (أي يمد) الرجل الجلد بينهما.
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»